بحث
بحث متقدم
Category: رواية

 

، ويبدأ العرض لينتهي التوتر والخوف بمجرد الوقوف على الخشبة التي تُشعر بالطمأنينة  .
كان في العروض السابقة يشعر أنه إنسان آخر ... أما اليوم فهو الإنسان ذاته هو الإنسان الذي له قلب ليُحب به.
إنتهى العرض المسرحي وبدأت رسالته بتساؤلات جمهوره   ... وهي من تقدمت لتعانقه من بين الناس الذين  التفوا حوله  للتهنئة
(روعة) ها هو الجندي الذي عاد منتصراً ... ويستحق من يعانقه بالحرارة التي عانقتِهِ  بها .
خرج من المسرح   ويدها تلتف على كتفه ... نظر للمسرح ...لم يندم أنه أضاع ثلاثة أشهر من أجل هذا اليوم ، نظر اليها مبتسماً ومشيا
كان للمشي أثنائها نكهته الخاصة ، أي دفءٍ في وقت يشكوا فيه الناس جحيم البرد
كانت سعادتهما تغنيها ابتسامة ونظرات إعجاب وحب إلى أن قالت جملتها التي جعلته يضحك دون توقف ..
(ستصبح يوماً ما إنساناً عظيماً).. وأدهشها رده..
( أتقصدين أني سأموت يوماً ما)
 لم تدرك لحظتها معنى قوله وهو الذي سارع ليفسر لها وبدأ يذكر لها أسماءً كثيرة هي أسماءٌ عظيمة جداً في وقتنا وأنهى تلك الأسماء ب(كل هذه الأسماء لم تعرف إلا حينما غادرت الدنيا
Category: رواية

 

، حين تُحتَضن الأيادي ... ..وتتقابل الأعين  وينسى أن الدموع لم تخلق للرجال ...أو أنه يريد أن يغير تلك الفكرة الخاطئة عن الرجال ... من لا يبكي لا يمكن أن يكون من جنس البشر ، ويمضيان... ليرى المسرح وتنتابه الثقة التي لم يسبق لها أن احتضنته
هنا ستكون المعركة ... لكنها بدون الأدوات التي تستخدم بالحروب كل سلاحه كان رسالةً .. يحارب فيها أوجاع الحياة ،و إن استطاع تسليمها بشكلٍ صحيح يمكن أن  يقضي على الفساد...الحقد ... المفاهيم الخاطئة .
هنا الخشبة التي كانت قبل روعة هي المكان الوحيدة الذي يُشعره بأن له قلباً وأنه إنسان .

وهي من ستساعده بعد عشر دقائق على وصول صوته إلى الناس ...عشر دقائق .. محطة عصيبة قبل العرض المسرحي ، لابد للتوتر والخوف ان يملأ قلوب الممثلين وهم بأمكنة تدعى (كواليس)

Category: رواية

 

جلس على الأرض وغطى وجهه تماماً على ساعديه ، ولم يبقى سوى الهدوء الذي سكن كل أجزاء بيته إلا الباب الذي مرت عليه ثلاث طرقات خفيفة ... أتجه نحو الباب وفتحه بتثاقل ليرى باقة من الورد تغطي وجه صاحبها ... وتنزل الباقة بهدوء ليرى ما هو أجمل من الورد (روعة)..
لم يأبه لتجمع الدموع في عينيه ... ولم يجد طريقاً للتعبير عن فرحه إلا حين يعانقها  ويحرك يده كالمشط بين خصل الشعر  الذي  كان ينام عليه المطر
هو الجندي يا روعة ... ذلك  الرجل الذي يعانق اجمل ما لديه  ويذهب ليعود بالنصر المؤكد...
دقيقة واحدة ... كافية ٌ ليرتدي ملابسه ويأخذها معه ....سيمفونية جديدة مع لحظة ولادة ٍ يملأها الفرح   ... تعزفها الأرصفة حين تخطوا أقدامهما على الماء الذي تجمع على الأرصفة ....يعزفها المطر.... الريح...إشارات المرور

... أضواء السيارات في النهار الذي يملأه الضباب

Category: رواية

 

لم  تكن تعرف أنها زرعت التوتر في ذلك الجندي الذي كانت بالأمس تمده بكلمات شدِّ البأس والعزيمة   ... اليوم أهدته باقة من التوتر ....اليوم .. الذي يطلب منه أن يجرد تفكيره من كل شيء سوى المسرح لكنه  جرد تفكيره من كل شيء إلا التفكير بروعة وسرِّ كلامها الغامض..
 وزاد توتره رسالة سعيد حناوي المبشرة بالقدوم للمسرح بعد نصف ساعة لإجراء البروفة النهائية قبل العرض ... هي لحظة شلّت كل حركاته...
 وبات ينظر في كل الجهات والزوايا يحاول أن يجد ولو جهة واحدة يمكن أن تساعده اليوم فقط.
حتى المطر لم يكن كما اعتاد عليه ...كانت حباته تحمل الغضب فقط

وتنزل على نافذته كالرصاص ... هي معركةٌ أذن ، وهو الجندي الذي يحاول أن ينقذ نفسه فقط ، لكنه بتوتره أضاع كل الخرائط حتى الرصاصة الاخيرة ...

Category: رواية

من منّا يطفئ أو يشعل الآخر ؟
لا ادري ... فقبلك لم اكتب شيئا يستحق الذكر... معك فقط سأبدأ الكتابة.

ولا بد أن أعثر أخيراً على الكلمات التي سأنكتب بها, فمن حقي أن أختار اليوم كيف أنكتب. أنا الذي أختر تلك القصة .

قصه كان يمكن أن لا تكون قصتي, لو لم يضعك القدر كل مره مصادفه, عند منعطفات فصولها .
من أين جاء هذا الارتباك؟

وكيف تطابقت مساحة الأوراق البيضاء المستطيلة, بتلك المساحة الشاسعة البياض للوحات لم ترسم بعد.. وما زالت مسنده جدار مرسم كان مرسمي ؟

وكيف غادرتني الحروف كما غادرتني قبلها الألوان. وتحول العالم إلى جهاز تلفزيون عتيق, يبث الصور بالأسود والأبيض فقط ؟

ويعرض شريطا قديما للذاكرة, كما تعرض أفلام السينما الصامتة .

كنت أحسدهم دائماً, أولئك الرسامين الذين كانوا ينتقلون بين الرسم والكتابة دون جهد, وكأنهم ينتقلون من غرفه إلى أخرى داخلهم. كأنهم ينتقلون بين امرأتين دون كلفة ..

كان لا بد ألا أكون رجلا لامرأة واحدة !

ها هوذا القلم إذن.. الأكثر بوحا والأكثر جرحا ً.

ها هو ذا الذي لا يتقن المراوغة , ولا يعرف كيف توضع الظلال على الأشياء . ولا كيف ترش الألوان على الجرح المعروض للفرحة .

وها هي الكلمات التي حرمت منها , عارية كما أردتها , موجعه كما أردتها , فَلِمَ رعشة الخوف تشلّ يدي , وتمنعني من الكتابة؟
تراني أعي في هذه اللحظة فقط ، أنني استبدلت بفرشاتي سكيناً. وأن الكتابة إليك قاتله.. كحبك .

ارتشفت قهوتك المرة, بمتعه مشبوهة هذه المرّة. شعرت أنني على وشك أن اعثر على جمله أولى, ابدأ بها هذا الكتاب .

جمله قد تكون في تلقائية كلمات رسالة .
كأن أقول مثلا :
"
أكتب إليك من مدينه ما زالت تشبهك, وأصبحت أشبهها. ما زالت الطيور تعبر هذه الجسور على عجل, وأنا أصبحت جسرا آخر معلقاً هنا.

Category: رواية

ما زلت أذكر قولك ذات يوم :
"
الحب هو ما حدث بيننا. والأدب هو كل ما لم يحدث".
يمكنني اليوم, بعد ما انتهى كل شيء أن أقول :
هنيئا للأدب على فجيعتنا إذن فما اكبر مساحة ما لم يحدث . إنها تصلح اليوم لأكثر من كتاب .
وهنيئا للحب أيضا ...

فما أجمل الذي حدث بيننا ... ما أجمل الذي لم يحدث... ما أجمل الذي لن يحدث .

قبل اليوم, كنت اعتقد أننا لا يمكن أن نكتب عن حياتنا إلا عندما نشفى منها .
عندما يمكن أن نلمس جراحنا القديمة بقلم , دون أن نتألم مرة أخرى .

عندما نقدر على النظر خلفنا دون حنين, دون جنون, ودون حقد أيضا .

أيمكن هذا حقاً ؟
نحن لا نشفى من ذاكرتنا .
ولهذا نحن نكتب, ولهذا نحن نرسم, ولهذا يموت بعضنا أيضا .

-
أتريد قهوه ؟
يأتي صوت عتيقة غائبا, وكأنه يطرح السؤال على شخص غيري .
معتذرا دون اعتذار, على وجه للحزن لم أخلعه منذ أيام .

يخذلني صوتي فجأة ...
أجيب بإشارة من رأسي فقط .

فتنسحب لتعود بعد لحظات, بصينية قهوة نحاسيه كبيرة عليها إبريق، وفناجين, وسكريه, ومرشّ لماء الزهر, وصحن للحلويات .
في مدن أخرى تقدم القهوة جاهزة في فنجان, وضعت جواره مسبقاً معلقه وقطعة سكر .
ولكن قسنطينة مدينه تكره الإيجاز في كل شيء .
إنها تفرد ما عندها دائما .تماما كما تلبس كل ما تملك. وتقول كل ما تعرف .
ولهذا كان حتى الحزن وليمه في هذه المدينة .

أجمع الأوراق المبعثرة أمامي , لأترك مكاناً لفنجان القهوة وكأنني أفسح مكانا لك ..

بعضها مسودات قديمة, وأخرى أوراق بيضاء تنتظر منذ أيام بعض الكلمات فقط... كي تدب فيها الحياة, وتتحول من ورق إلى أيام .

كلمات فقط, أجتاز بها الصمت إلى الكلام, والذاكرة إلى النسيان, ولكن ..
تركت السكر جانبا, وارتشفت قهوتي مره كما عودني حبك .
فكرت في غرابه هذا الطعم العذب للقهوة المرّة . ولحظتها فقط, شعرت أنني قادر على الكتابة عنك فأشعلت سيجارة عصبيّة, ورحت أطارد دخان الكلمات التي أحرقتني منذ سنوات, دون أن أطفئ حرائقها مرة فوق صفحه .

هل الورق مطفأة للذاكرة؟
نترك فوقه كل مرة رماد سيجارة الحنين الأخيرة , وبقايا الخيبة الأخيرة.

Category: رواية

 

-      نظر للمطر وابتسم ...
هو في كا مل استعداه ... أو أنه مستعد ٌ أكثر من أي وقتٍ مضى
سيكون لأول مرة إنساناً   تلتقي روحاه الإثنتين
إتصل بها ... لكنه في تلك اللحظة لم يستطع أن يتكلم إلا بثقة وحرية ... دعاها للمسرحية ... وما زاد ثقته ردها الرائع
حين قالت: أريدك أن تقدم شيئاً ممتازاً ... وانا واثقة بك
أتت كلماتها إليه وكأنه جنديٌّ على إحدى الجبهات سمع كلمات فخر وصمود فازدادت عزيمته وشدَّ بأسه ورفض أن يتراجع دون تحقيق النصر..
أجابها بوعدٍ .. أنه سيكون عند حسن ظنها...
أغلق الهاتف .. ليبدأ من جديد بدعوة كل الأصدقاء قبل أن ينام
فتح عينيه قبل أن تغادر النجوم وتعكس الشمس أشعتها في تلك المرآة
هو من أيقظ منبهه ..
كان صباحاً إستثنائياً .. نظر إلى هاتفه المحمول ليقرأ رسالةً جائته في وقت متأخر من الليل جاء فيها (تأكد أنك شريك لأحلامي دائماً ... أتمنى لكَ التوفيق)
روعة... لم يكون يدري أنه سيمر ّ صباحٌ رائع كهذا في الواقع الذي يعيشه
سيطر عليه النشاط وراح يحضر القهوة ... ووضع قرصاً موسيقياً لجوليا بطرس كانت أول أغانيه ( شي غريب)
رنّ هاتفه المحمول نظر إليه لتنتابه الدهشة ...روعة
ردّ عليها التحية ...
_متى استيقظتِ
_لم أنم بعد ولا أريد أن أنام ..
ولكن كيف ستحضرين المسرحية اليوم
أجابته وكان في حديثها شيء من البكاء الصامت ... لن أنام .... أريد أن أعيش كل ثانية في حياتي
_لم يستطع الردّ عليها أو ربما لم يفهم جيداً تلك المتاهة التي أدخلته بها ،
قالت بهدوء: كن كما حلمت بك ...تبعتها شهقة بكائية حاولت أن تخفيها وأغلقت الهاتف
كم كان متمنياً لو أنه أمامها الآن حتى ينظر بعينيها ليعرف عما تتحدث....
ما الذي يجعلها تكره النوم ومن يمنعها من العيش كل الحياة ...
  
 
Category: رواية

 

رجع إلى المنزل فتح الباب وفتح جميع الستائر التي تغطي النوافذ حضرّ كأساً كبيراً من القهوة ... وجلس يراقب المطر
رن هاتفه ... كانت رسالة من سعيد حناوي المخرج المسرحي رسالة يشد فيها من عزيمته  ...
إنتهت جميع البروفات إذن ..وأصبحت جاهزة للعرض غداً ، ثلاثة أشهر من العمل عليها لتعرض في يومٍ واحد ... بل في ساعة واحدة .. وحين تنتهي يأتي أحد الأكاديمين ليبدأ تنظيره وينعته ولا يدري أنه في نفس الوقت يكرمه حين يقول: جميل أن تكون هذه جهود (هواة)مسرح..
يالله... ما السرّ وراء تلك الخشبة الذي لا يستطيع التخلي عنها رغم كل الثغرات التي تضعها أمامه   ويعطيها كل شيء دون أن تعطيه شيء
هو متأكد أنه ليس الجنون ، فهناك مئات الهواة ... أيعقل أن يشلّ الجنون عقولهم ليهبوا كل شيء لمسرح لا يعطيهم شيء
وسعيد حناوي أحدهم ذلك المخرج الذي مارس فنّ المسرح   أكثر من خمسة عشر عاماً دون أن تهديه الخشبة بيتاً أو حفنة نقود  ليتزوج ... ناضل وبين من خلالها عشرات الثغرات التي تقف عائقاً أمام الشباب والمجتمع ، رغم أن مئات الثغرات تنتظره بعد كل مسرحية ...
Category: رواية

 

هي لحظة واحدة صمم على قولها ...لكنها بالرغم من أنها كانت تشعر بكل ما يدور داخله حاولت قول كلمات تضعها كحواجز أمام إحساسه
وعندما إستطاع أن يحطم كل الحواجز..
نظرت إلى ساعتها.... حركة يفعلها الكثيرون للهروب من موقف ما
_ معذرة ... لا أريد أن أتأخر على المحاضرة...
هز رأسه موافقاً بالرغم من رفض قلبه القاطع
لكنه أقنع قلبه أن اللحظات الرائعة في حياتنا هي اللحظات التي كتب عليها القدر أن تمضي بسرعة..
وعاد ....يرقص تحت أنامل المطر، واضعاً سماعاتٍ في أذنيه يخرج منها صوت فيروز ... ويندهش لسماع كلماتها (أحب من الأسماء ما شابه اسمها )كأن فيروز تعرف أنه سيحب يوماً ما روعة ...في لحظة كهذه لا يجد من يستطيع أن يشرح له إحساسه إلا الشام القديمة هي من ساعدته في لحظاتٍ عصيبة وهي وحدها يمكن أن يقول اي شيءٍ أمامها بكل ثقة... عندما يقف أمام حجارتها القديمة ،
 كان لابد أن يمرّ في طريقه على صديقه علي جوهر المبدع في فنّ الرسم .. هو من أهداه لوحةًَ فيها كل الكآبة وقال أنها تشبهك ... 
اليوم ... جاء ليعتذر له  لأن تلك اللوحة باتت لا تشبهه أبداً ... الآن لابد ّ أن تساعده في رسم لوحة واحدة فقط وتثير إعجابه وهي أن ترسمه وهو يطير ...
يومه الثاني في حبها... آه لو يستطيع أن يقرأ كل ما كتب للحب بلحظةً واحدة ... لكنه وقف وكأنه في حالة عزاءٍ حين رأى تلك الكتب القيّمة منشورة على الرصيف بين أقدام المشاة أسماء عظيمة ( نزار قباني – أحلام مستغانمي- الملاك الثائر –محمود درويش ...وماركيز والماغوط وآخرون...) إنه لشعور مؤلم أن ترى هذه الأسماء بين الأقدام
Category: رواية

 

إن العلاقة التي تربط ذلك المقعد بجذع شجرة تهديهما مجالاً لقول الكلام الإستثنائي بل وتضيف عليه ،سحراً يعلق بالذاكرة دون رحيل ...
هنا فقط يمكن أن يمسك يدها دون خوف ،هنا... يمكن أن يبحر في تلك العينين دون مراقبة أحد ،كان ينظر في عينيها حين يتكلم وإلى شفتاها الرقيقتان حين تتكلم ، لكنه أحاد نظره عنها تماماً حين سألته عن موعد المسرحية التي كانت قد قرأت بعض الإعلانات عنها   حينها نظر إلى السماء ..
كأنه يريد أن يقول للسماء أن الاتجاهات انقلبت وأنه الآن أعلى منها مسافة بعدها عنه ...
آه ...يا روعة لو أنه بلحظة  تحول مجنوناً ليقولها...لو أنه أخرج تلك الكلمة من أحشائه   ... لو أنه حررها من ذلك السجن وانتظر  ردك أو تفكيرك ــ ، ربما سيكون متأكداً أنك ستفكرين  به إن قالها
لكنها الألوان هي السبب في منعه من كل ذلك 
لو كان كل شيء بالأبيض والأسود لاستطاع أن يختصر أشياءً كثيرة
لو كان كل شيء بالأبيض والأسود لتأكد تماماً  أنه معكِ نسي تماماً ما هو اللون الأسود
Category: رواية

 

يوم ... هو يومه الأول في حبها... الحب... تلك الكلمة التي أبعدها عن قاموس حياته ولم يؤمن بها يوما
هو من كان يقنع من يناقشه من زملائه بأن الحب غير موجود
أو أنه ذهب في زمن ما... قبل أن يولد
أو ...عندما ماتت جدته على صدر جده الشهيد ...هناك كانت آخر لحظة حب ...
اليوم ...إنقلبت جميع أفكاره... يا لقوة الحب
 
 
عاد الى منزله .. كأنه يراه لأول مرة ،أخذ كل أوراقه التي دون عليها حقده ضد قصص الحب، خرج بها إلى السطح ..ضحك بجنون ...أخذت أصابعه تمزق الأوراق بذات الحقد الذي كتب به، والمطر يساعده على غسل ما جاء بها ،نزل بعد أن أنهى ثورته دون أن تهدأ ثورة المطر
نظر إلى هديتها الغالية تذكر أن ينسق لها رسالته الأولى لكنه رفض أن تحرمه الرسالة من سماع صوتها... حضر كثيراً من الكلمات العذبة لقولها على الهاتف ...لكن صوتها أنساه ما حضر...و كل ما قاله جملة واحدة حدد فيها موعدا جديداً بعد ستة عشرة ساعة
لكنه هيأ نفسه وكأن موعده بعد نصف ساعة .
كان في طريقه يرى الأشياء بلون آخر ذات الأشياء التي لم يأبه لشكلها من قبل
جلس على طاولة ’ تشبهه حين كان في السابق من حيث انعزالها وبدأ ينتظر
شعر بارتباك خفيف لكنه زاد اضعاف حين رآها وهي تتلفت باحثة عنه
وقف وتقدم إليها   ,أمسك يدها التي صافحته وكأنه لا يريد مصافحتها فقط .
جلسا ...يسيطر عليه شعور التأكيد بأنه في عينيها تكمن كل الأحلام التي يسعى إليها
هي أمامه....كم كان أحمقاً حين رفض رحيق الحب في السابق ،حين ترك سنينه تمر دون ذلك الشيء الوحيد الذي يشعر المرء بأنه يعيش في هذه الدنيا
إحتار في طلب مشروبه حين وقف النادل بينهما يسأل في طلبهما وقف عند القهوة... هل سيغيرها بعد أن قرر تغير كلما في حياته من عادات.... وبعد تفكير داخلي طلب القهوة لكن لم يطلبها كما إعتاد من قبل في أن تكون خالية من السكر ... كان ما يرضيه أنه غير قليلاً ...فهو لا يستطيع الإستغناء عنها ... مرت عشر دقائق ولم ينعش جلستهما حديث سوى كلمات عادية تسأل عن الصحة والأحوال ونفسها إجابات عادية أيضاً ...رفض في داخله ذلك الجوّ
ابتسم ..وطلب منها أن يخرجان من تلك الكافتريا المملة التي تمنع الكلام الإستثنائي ..
Category: رواية

 

وبدأ بالرقص ...كان لرقصتهما قصة كاملة
الآن لابد من قراءة تفاصيلك يا روعة   لابد من التركيز على عينيك اللتان اخذتا كل براءة الأطفال ،و تلك الدمعة المخفية داخلهما كاللؤلؤة ...شعرك الطويل الأسود المتعرج ، يداك الناعمتان اللتان تمنى لو أنهما قيد يبقى بيديه مدى الحياة   .
كانت رقصتهما أشبه بقصيدة  شعر حديث تنتهي كل حركة بقافية موزونة   ...
تأمل عينيها طويلاً...يا لها من صدفة مليئة الغرابة كيف ذلك؟
كان مدعواً لحفلة عيد ميلاد صديقه وإذا بالمناسبة تقلب فتصبح عيد ميلاده ،عاش المشهد الأخير من الحفلة بكثيرٍ من الشوق لإعادتها من جديد ...
وقفت  أمامه أعطت لقلبه مجالاً كي لا تغيب عن تفكيره ... حملت حقيبتها الصغيرة دون أن تحرك عينيها عنه ،مدت يدها لتهديه ورقة صغيرة قبل الرحيل وذهبتِِِِِِ
Category: رواية

 

سألها بحياد عن برجها
لكن هاتفها المحمول سبق إجابتها وذهبت  للرد بعيداً عن ضجيج المقصف وعيناه لم تفارقاها لم يشغله وقتها إلا الأغنية التي رن بها الهاتف ..عادت وإعتذرت منه عن ذلك الموقف ، هزّ برأسه مبتسماً نافياً أنها مشكلة ... جلست وبقي ينظر إليها يحاول أن يسألها لكن أحرفه تشابكت 
-                       ألن تقرأ لي برجي
شجعته كلماتها على تركيز سؤاله                                                              
-                       أتستمعين دائماً لمارسيل خليفة ، قالها و كأنه يهمس في إحساسها الذي جذبه
-                       قالت : أستمع دائماً لحزن الوطن رغم ألمه
هرب من صمته لينظر للمطر من النافذة التي إلتصقت بها شجرة زيزفون راقب أوراقها التي تستقبل المطر لتُسقِطها كما الدموع ،إذن للأشجار أرواح كما قال نزار قباني نعم ويمكن أن تبكي على الوطن أكثر من بعض أبنائه
تأهب الكل للذهاب لمكان الحفل .. خرج معهم ...وهو يفكر في وطنه الذي يحبه أكثر من نفسه وهذا أصغر الإيمان ،هو منذ سبع سنين يلقي من خشبته الروحية رسالة مملوئة بأوجاع الوطن لكن الوطن خذله فأدخل بأكاديمية مسرحه من ليس لهم أي شأن بالمسرح وجعله وحيداً مهما كان شأنه يسمونه( هاوي مسرح).
جلس بينهم كي لا يبين تلك الوحدة التي تلازمه لأحد وعلى عكس الجميع طلب فنجان قهوة بدل  من الويسكي  ،
أغلبهم غادر الطاولة للرقص ... وحدها هي كانت مستقبل شاطئ ينشله من بحر الألم سيرسوا عليه قريبا ،ً جلست أمامه...نظرت في عينيه تريد أن تقرأ ما فيها  
-                         لماذا تترك للحزن مجالاً لإبعادك عن الفرح ، إنتظرت منه الإجابة وأكملت دون أن يجيب :صحيح أني لم أعرفك لمدة طويلة لكني أستطيع قرائتك أكثر من كل الموجودين ...ابتسمت لعينيه ومدت له يدها تطلبه للرقص ، كان مبهوراً بما يجري أمامه .. أخذ فترة من الإستيعاب ...ردّ لها الابتسامة واستقبل يدها ..
Category: رواية

 

وما ساعده على رسم الابتسامة  روئيته  للمطر ، ارتدى المعطف المفضل لديه والذي لايرتديه إلا من فاق عمرهم الستين عاماً أو أكثر وهم ذاتهم الذين يشعرون بأن كلمة مثقف مرتبطة بهذا المعطف وبتلك القبعة التي لا تغطي سوى مكان شعر الرأس الذي أسقطته ثقافتهم .
ولف حول عنقه شالاً أسوداً لا يمنع البرد إنما يمكن أن يزيد من أناقته
أغلق الباب دون أن يغلق تفكيره وهذيانه ، ذاهب ٌ لحضور عيد ميلاد وهيئته أقرب إلى شخص ذاهب لحضور مراسم دفن .
لم ينسى عادته الدائمة في شراء الجرائد ، يقرأ فيها آخر التطورات التي طرأت على برجه الفلكي وكي لايذهب ثمنها من أجل الأبراج فقط يمسك قلمه ويشل تفكيره بحل كلماتها المتقاطعة كحياته المتقطعة وبعدها يصبح دور الأخبار القاتمة التي لا يتغير فيها سوى أعداد الشهداء والمهجرين والأراضي الجديدة التي تحتل ،
دخل إليهم كانوا ملتفين حول ثلاث طاولات في ذلك المقصف الذي يجمعهم كل يوم
ألقى عليهم تحية أخفى خلالها الفترة التي غابها عنهم... لكن نظراتهم نحوه جعلته يشعر بشفقتهم ...جلس وفتح جريدته عله يحيد نظرهم
-                       أتسمح أن تقرأ برجي
أنزل الجريدة التي غطت وجهه بهدوء وإستغراب   ،نظر إليها ... تذكرها جيداً ...هي ذاتها الفتاة التي سبق وجلست معهم مرتين، حين عرفتها عليهم سلوى 
كأنه غاب سنتين على الأقل ، ذاتها الفتاة كانت بالأمس صامتة .. تجلس وتراقب الجميع في حديثهم دون أن يكون لها أي تعليق أو كان الخجل يلون وجهها حين يوجه إليها سؤال جوابه كلمة أو حرفين
إنها روعة التي لو لم تخبره سلوى باسمها ما كان عرفه أيضا....اليوم أصبحت تهوى الحديث
Category: رواية

 

هزّ رأسه بحركة بطيئة ...مدّ يده التي لم يشعر بدرجة حرارتها التي تشابه الثلج الى جيبه وأخرج ورقة صغيرة عليها رقم هاتفها واسمها ...صرخت عيناه لذلك الوجع ...ضمها إلى صدره... أراد أن يعانق كل رقم على حدة...ويقبل كل حرف على حدة...
أخذ يدمم تلك الأغنية رغم إرتجافه الدائم   من حالة الجو ... كان قلبه وعيناه وربما السماء أيضاً يشاركونه تلك الأغنية... مع أنه لم يغنيها لشعوره القومي ... إنما  لأنه مدين لها لكونها سبب معرفته الحقيقية  بها ...في ذلك اليوم الذي سبقه لقائين معها  في جامعته لم يعرف فيهما غير اسمها   غاب بعدهما فترة طويلة حين رشحت المسرحية التي يشارك فيها ممثلاً  وعاد خائباً لأن النتائج سبقت حتى إفتتاح المهرجان ،كان بيته ملجأه الوحيد ليجمع قواه من جديد ويثبت على إصرار المتابعة   واضعاً كرسيه أمام نافذة ينزل المطر عليها كشلال يواسيه ويزيد من إصراره ... وسجائر لم نتطفئ   أبداً تساعده في تفسير تلك الأمور كان أكثر ما يقلقه دخول الواسطات في ذلك الفن   وهو مقتنع بأن المسرح طاهر وأن هؤلاء الذين يدعون الإنتماء له مجرد غيمة ستمر رغما عنها ،
وفي ذلك الصباح فتح عينيه على صوت منبه طالماً كان متمنياً لو يستطيع الإستغناء عنه
نهض من نومه بتثاقل نظر بالمرآة إلى ذلك الوجه الذي يملأه اليأس ، رن هاتفه المحمول بعد أن قرر إشعاله أخيراً في وقت متأخر من الليلة الفائتة نظر للشاشة 
- صباح الخير
- أهلاً سلوى .. قالها وكأنه تلى جملة من عشر كلمات
- لو لم تجب على اتصالي كنا أتينا جميعا إليك لإحضارك
-الى أين
- اليوم عيد ميلاد فادي أنسيت
- أجاب بعد تفكير قليل (حسناً سأكون في تلك الحفلة)
- نحن مجتمعون في الكلية ما رأيك أن تأتي إلى هنا ونذهب جميعنا
-حسناً إلى اللقاء

نظر من جديد لتلك المرآة،حاول أن يرسم إبتسامة علها تقلل الإكتئاب الذي يسكن وجهه،


« الصفحة السابقة  |  مشاهدة نتائج 1-15من 17  |  الصفحة التالية »