بحث
بحث متقدم

 

قصة رحيل فتاة
جميل أن نستقي من الحاضر و نمزج الماضي به بين حب اليوم وحب
الأمس هذه القصة مزيج جميل لفتاة صغيرة أحبت يوماً ما  
رحيل فتاة
نسمات الشتاء الباردة التي تنساب في أعماق جسدها
النحيل تحملها إلى مملكة السماء حيث توجد شبيهاتها فقد ضاقت ذرعاً بهذه الحياة , و هي تبحث عن قيس .
قيس الذي كان يواعدها في كل ليلة عندما تغمض عينيها يُقبل وهو يحمل في يده شعاعاً من الأمل الذي كان يقيدها مذ أن كانت طفلة , و هي تراه يقترب شيئاً فشيئاً على حصانه الأغر الأشهب الذي لم يتغير منذ أن عرفته حتى الآن بلونه الأبيض الأخاذ , وغرته المحنّاة بلون الشمس .
تراه وهي تتمنى أن تحمل عليه بذات يوم , ولكنها لم تعلم أن هذا الحلم سيتحقق في يوم ما .
ففارسها كلما دنا تزداد ولعاً , وتبرق كنجم بين التلال في ليل مسجىً
تنادي بقيس و تغنيه بأجمل ما غنت أم كلثوم طالبة الرحمة :
" أعطني حريتي أطلق يدي إنني أعطيت ما استبقيت شيئاً "
فيداها المنسوجتان بيد الخالق قد أضناهما الارتقاب وهما مرفوعتان لذاك الفارس .
ما زالت حتى اليوم تحلم به , ولكنها لن تستطيع أن تحلم به فما تمنته بالأمس سيبقى مجرد ذكرى على مخدتها التي ملأتها بالزهور الحمراء التي عطرتها بأنفاسها المتلهفة لمقابلة أنفاسه .
ولكن الوردة سوف تذبل فمحال أن يأخذ منها أحد شيئاً فقد حملت اليوم على حصان أبيض وصعدت إلى السماء تحمل في جعبتها رسائله التي كان يلقيها عليها و هي تنتظر أنا يقترب أكثر كي تملأ ناظريها من جماله , وتلقي عليه جمالها , و كـأنما تلقي اهابها المقصب الذي نقشت على كل قصبة منه اسم حبيبها المنتظر وهي :
تغني لأم كلثوم .........    أنا بانتظارك
وتنثر دموعها التي ملأت خديها الجميلين , ولكن اليوم لن تحزن من أجلك أيها الفارس , ولن تغني لك بصوتها العذب بعد الآن .
فها هي الطلقة العمياء تصيب منها القلب , وهي في طريقها إلى مدرستها الثانوية في نهاية الشارع .
و هي فرحة بعد أن أفاقت من حلمها الوردي وكلمتك لكي تأخذها لأنها لا تطيق الحياة بدونك بعد اليوم فهي خائفة من غيرك ولا تدري ماذا تفعل
ودندت لك أغنية أم كلثوم التي تقول :
أروح لمين ...............
وبقيت تغني وهي في طريقها للمدرسة , وقبل أن تأتي تلك الطلقة و أحست أنها مفارقة حياتها التي لك تتغير منذ سنين .
أخذت برأسها مطرقة قليلاً ثم قالت لقيس :
ألم أطلب منك المجيء ألم منك أن تأتي
وبدأت دموعها بالهطول على يباب الثرى ليس خوفاً من الموت ولكن لأنها لن تستطيع أن تراه بعد اليوم ولن تشكي له همها مرة أخرى .
وتعود فتقول كم توسلت إليك ألم أخبرك أني خائفة وتهب نسمة سريعة يتطاير منها شعرها الأشقر في فضاء بلدتها الصغيرة .
وتخطو إليها خطوات تحسبها خطوات جواد فارسها , ولكن سرعان ما تتبدل نظرتها لترى أنها خطوات الحصى التي بعثرها الهواء وهنا تبتسم ابتسامة الموت الحزينة
وتغني لأم كلثوم :
النسمة أحسبها خطاك والهمسة أحسبها لقاك
 ثم تصغي إلى صوت الرصاصة المقتحمة صدرها وهي تحطم أضلعها الصغيرة , وتنادي بصوتها قيساً الذي لن يسمعها, وتنهار إلى الأرض كما سقطت آخر ورقة من تلك الشجرة التي رنت لها , وبدأت تذرف الأوراق على فراق صديقتها التي حفرت على جذعها اسمها واسم حبيبها .
سقطت كما تسقط العصفورة التي لم تتعلم الطيران بعد من عشها , وسبحت في جدول الماء القريب منها الذي اصطبغ بلون دمها الأحمر وهنا تصرخ وتستغيث ولكن لن يسمع أحد ندائها وقيس محال أن يأتي لأن قيس ما زال غارقاً في أحلام الفتيات ولن يصل إليها إلا بعد أن ينتهي الوقت وتزول الآلام التي حلت بجسدها .
و أخيراً تلفظ آخر كلماتها قائلة :
ألا يا حبيب القلب أقبل                         وإن كــنت نسيت الـــود فأدبر
الموت أقبل بحصانه يسرع                 والعمر في احتساب الأيام يقصر
رصاصة بالقلب قد حطت                 وحطمت مني الضلوع في الصدر
رماني الزمان بحب المحال                وعذابي فـــــي بعد الأحبة يكبر
ثم أخذت تدندن لحبيبها آخر أغنية لأم كلثوم :
يا ناسيني وأنت على بالي ..................
وما هي إلا لحظات حتى وضعت رأسها على صخرة بجانبها لتنام نومتها الأبدية , وترحل الرحلة الأخيرة إلى روابي الجنان الخضراء حيث لا يوجد من يبكيها ..
 
أحمد الشهابي

 

Category: شعر

سيدي القاضي

في هذه القصيدة ...أراني مُتهماً ومجنياً عليه ..وأُدافعُ فيها عن نفسي... وأستمعُ لشهادةِ المُحَلَّفين.. وأنطقُ بالحُكم نيابةً عن القاضي...

ما كان ظني في الهوى أنّكِ تَكذبينْ
و تُرددينْ! .. تَحلِفينَ.. وتُغْلِظــينْ !
بالرغم أَنّكِ تعلمين .. في القولِ أنَّكِ تَكذبينْ
ورُغمَ ذلك تَهْجُرينْ..!!!
أوَلســتُ مَنْ قد كُنْــتِ دوماً حين يُنشِدُ
تَطْربيـــنْ
و إذا أتيتُ بكلِ جارحةٍ بروحكِ تُقبلين ..
و تَضحكيـــنْ
وكمثلِ كل فَراشَــةِ تَتراْقصيــنْ
بالرغم أنكِ تعلمينْ
في الفعلِ أنَّكِ تَكذبينْ
أفلا تَذْكُرينْ؟!
عيداَ مضى .. قد كنتِ به دوماًِ تَفرحينْ
رُوحاً بها قد كنتِ دوماً تَسْكُنيــنْ
وشذاً و عطراً كنتِ دوماً تنثرينْ
و تهللين َو تمرحين ْ
بالرغم أنّكِ تعلمينْ..
عِلم اليقين .. في الحبِ أنَّكِ تَكذبينْ ..

و تَهْجُرينْ! .. تَعْبَثــينَ.. وتهذرينَ.. وتَقْتُلين!!ْ
هذا هو الحبُ الذي يا حسرتي ما تَعرِفينْ !
هذا هوَ العهدُ الذي بِرموشِ عينكِ تَحفظيـنْ؟!
أحقاً تَظُنيني حجراً .. و أنتِ بِهِ للهوٍ تَعْبَثــينَ
استيقظي من غفوةٍ .. لا بد إنّكِ تَحْلُمينْ.. !!

يا سيدي القاضي..
حكيت حكايتي .. لكنْ و ربُكَ لستُ أدري
من هنا المديون ... ومن منا المدينْ
لكنني سأظل مرفوع الجبينْ
يا سيدي القاضي ..
ماتَ الهوى مُتأثراً بِجِراحهِ
و مضى إلي القبرِ الحنينْ

وأنا ذاهبُُ.. أنا راحلُُ
للبحثِ عن وطنٍ .. عن حبٍ بلا أدنى أنين
في الغيب أبحثُ عنْ بِداياتي
على مر السنينْ

Category: شعر

بلا رفيف .. يعبر المســـاء

لا ..
لا صوتَ للحَجَل ..،
يمرُّ ســابحا هناكَ
أو هنا
لا صوتَ ..لا
كنتُ أرى وجهى
على فُرشاةِ تلك الأجنحة
مثلَ شمسٍ تتمهّل
كنتُ أرى وجهى
بلا أدنى وجل ..
وفمى - منتشياً -
يعبُّ من زجاجةِ الزمانْ
وانطلقت نافورةُ المعنى
خيوطاً من لغاتٍ
وعيونا تتهلّل
كانت الأُنـثى
مزيجاً من غناء الكونِ
والثمرِ المحرّمْ ،
كانت تقاطيعُ الوجوهِ
الإنحناءاتُ

الوشيشُ الصاخبُ النهدينِ
أصفى من يدٍ مضمومةٍ ..
شفةٍ تحرّقها القُبل .
لا صوتَ للحجل ..،
حينما يعبرُ وجهى
ولا ينهلُ من تاريخه الملقى
على رمل الطريق .
الآنَ شئٌ غامضٌ
ضبّبَ هذا السطحَ
خلاّهُ كطلّ
صارَ وجهى حائلا
بينى وبينى
صارَ ظِلّ .
لا صوتَ للحجل ..،
ومطايا الليلِ تدرجُ
عبر زاويةٍ
وتدلفُ فى خجل
تغزلُ الرحلةُ
أشــلاءً من الفوضى
طيوراً ترتحل
خلف غِزلانِ الزلل
لا صوتَ للحجل ..،
أســرعَ هذا النبضُ
من إيقاعهِ

وترامى فوق دغل
تُصلبُ الأناتُ فى أحراشهِ
وعيونٌ من مخاليقَ حيارى
ينسكبُ الترتيلُ من أفواههم
لا محضُ قولْ
تنطلقُ الرقصةُ
شقّاً فى جدار الليل ،

تنصهرُ الحنايا
بأريجٍ موغلٍ
وصراخٍ يتبتّل
لم أكن إلا عيوناً تتأمّل
وشفاهاً
تنسجُ الأغنيةَ السكرى
وروحا تتململْ
وانفلتت نفسى من التسليمِ ،
طارت
صوبَ أسرابِ الحجل
وأطفأت نارَ الأُوَلْ
لا صوتَ
لا..
يمرّ سابحا
هناكَ
أو هنا

لاجرحَ يندمل
لا رجعَ للحروف
فى غابةِ الأزل
والسحاباتُ التى طالتْكَ
أو طاولتَها محتدما
ترجمكَ الآنَ ،
شظاياكَ تواعدْنَ على الفُرقةِ ..
جزءا
فجُزءا
فى مدارٍ موحشٍ
قد تكتمل .
فاسترحِ الآنَ
على مقعدكَ النائى
ومُرِ النادلَ ماشئتَ
ونلْ
كلَّ أكوابِ الملل
من غير معنى واحدٍ
يخطفُ عرىَ الروحْ
من غيرِ
هلْ .

أول الصفحة

 

فتاة مسكينة
على نمط قصة بائعة الكبريت
مأخوذة أيضاً عن قصة حقيقية
تتجول بين أكوام من البشر ولكن لا حياة لمن تنادي ولن يسمع أصم نداء قلب محروق .
هي في سن الثامنة أو التاسعة إن صح التقدير حمامة بيضاء في إيهاب أسود قد ألبسها إياه الدهر تحوم حول غرابيب سوداء , ولكن الدهر نفسه ألبسهم حلة بيضاء تحمل في يدها الصغيرة أعواد سكاكر لعلها تكسب الرزق الذي سيعيلها مع ذلك الأب الذي قاده الزمان إلى أن يرمي فلذة كبده في قارعة الطريق .
تنادي بصوتها الخافت مناديةً قلوباً من الصوان قائلة :
" اشتروا مني ولو قطعة , أنا لا أطلب هبة ولا رحمة , ولكن أيقظوا عقولكم الصغيرة فأنا فقيرة ولكني لست بلا شعور ليس ذنبي أن أكون سجينة الفقر فذلك القدر ليس ذنبي أنني اليوم منبوذة "
تعود أدراجها حزينة وتحترق الدمعة داخل عينيها الصغيرة و فجأة تنفض الغربان أجنحتها و تحلق ليظهر بينها طائر الرحمة المنتظر , والفرح المرتقب .
لقد ظهر ما كانت تنتظره على مدى خمس ساعات متوالية ..........
ليخرج يده البيضاء من داخل جيبه الكحلي ليقدم لها ما أدخل البهجة إلى قلبها , غير نظرتها في هذا المجتمع .
ومن ثم دنا منها وقال لها ألن تعطيني من تلك السكاكر أجابت نعم نعم حتماً وانهالت تدعو له بقلب محروق , وبدأت تجري وفي عينيها دموع الفرح التي سقطت كالدر من عينيها بعد أن التقت بعدد من أصحاب ذلك الشاب الذي أسمته صاحب الظل الطويل لأنها لم تعرف اسمه وما كادت أن تسأله حتى اختفى بين ظلال الأشجار وفي هياكل البشرالميتة التي ما زالت على قيد الحياة .
وسرعان ما ذهبت لأبيها تحمل له البشرى بعكس الأيام الخوالي وإذ به يصرخ دون شفقة أو رحمة , ويأخذ ما ملكت لتعود مرة أخرى لتعاني في اليوم التالي.
وهنا يكمن السؤال هل ستلقى صاحب الظل الطويل مرة أخرى لكي يدخل السرور إلى قلبها ويسعد والدها .
وإلى متى سنظل نبحث عن الخير في داخل البشر أم هل اختفى لا أدري لا أدري .....
 
أحمد الشهابي
Economic880@live.com

أو ليس سبيل العاشقين كتاب
وجنة النعيم لقاء
وفضاء النجوم خيال
ذاك الحب و الجمال
فلما تجعلينني كئيباً و أنت حياتي
ولما الذكرى تؤجج نيراني
أتدرين لما

لأني أحببتك , و جعلتك سمائي
عودي والثمي الورد الذي غرستيه من فاهي .
وارشفي ما أودعتيه في بالي .
فذاك ما أبقيت منه في خيالي .

أحمد الشهابي
Category: شعر

 كفاك رمياً بالسهام
فذاك القلب مستهام
وتلك العيون غرامي
الوانك كالطيف في أنظاري
ووجهك المنير فضائي
فلا تقتليني لأنك عذابي
ابحثي في أرجائك عن أرجائي
وأخبري من لقيتي عن أخباري
وقولي :
بأن ذاك الحبيب كان فؤادي
وعلميهم كيف ذبلت في أحضاني
حبيبتي .....

نعم
أنت حبيبتي .
ومن غير الحبيب وافي
جمعت لك الزهور فضعيها فوق أحزاني
وانظري لها وتعلمي كيف الزهور تلثم فاهي
وعذبيني ما استطعت فتلك الأوراق من أفناني
واحمليني غداً
فغداً القى زماني معاك
يومها قفي وقولي ذاك كان زماني
ذاك كان غرامي....
                                                             
 
                                                              أحمد الشهابي     
 
 

 

تضحية صديق 
في هذا الكون ستبقى أنت وحدك فيه حيّاً فهناك أنت أيها الإنسان صاحب الضمير الحي .
فهناك أجسام حولك , ولكن مفعمة بالسواد ذلك السواد الذي لن يرى النور .
فمن يغرس في قلبه المحبة لن يجد من يبادله الشعور ذاته فيرى سكاكين الموت تحوم حوله كما تحوم طيور الرمة حول جثتها و تحاول أن تأخذ مكاناً في جسدك     وأصعب ما يكون منها تلك التي تحط في القلب ، فتبكيك على مر الزمان دماً ولن يقدر على محوها طول السنين , ولكنها ستنتهي .
ولكن متى..... ؟
ستنتهي عندما توضع في منزلك الأخير هناك حيث لن تتعذب من تلك الآلام مرة أخرى .
ومنها ما يحط في الجوارح فيقتل البراءة التي تلمع بين عينيك , و تجعل منك مصنعاً يصنع الحب و اللاحب معاً .
لن تجد بعد اليوم من يبادلك شعور المودة فذلك هو الجرح الخامس خلال هذا الأسبوع المتآكل الأطراف .
الذي لم يرمي على أكتافك سوى الأثقال التي لا يطيقها إنس ولا جان ولا تحملها أرض ولا سماء .
وأجرت عيناك دموعاً بعد الماء دماءً فما تلك الحياة ومن هو الصادق بحق الإله.
 هل تريد البقاء ذلك ذلك الطفل اللطيف أم أنك ستتحول إلى ذلك المصنع الذي صنعه البغض و الحقد .
لم يعد لك مكانٌ بين البشر و الأفضل أن ترحل كما رحلت فتاة قيس.
ولكن تلك غيبها القدر اما أنت فسيغيبكسواد البشر الذين طغت مصلحتهم على جمالهم .
وأنت لا وجود لك بينهم .
فاذهب لعلك تلاقي أصحابك كما لاقت تلك الفتاة صحيباتها .
ولكن ما الذي أسمعه " يرد الصديق الوفي الذي لم يهن عليه زجر الناس لصديقه "
لا تخف يا صديقي لن تجد بعد اليوم من يؤذيك كما كانت تلك الفتاة فهي لم تعد تبكي.
اذهب لعلك آنست شعراً بين اللورى أم لعلك آنست ناراً بين ضلوع البشر ذلك هو الظلم تلك النار المتأججة بين ضلوعهم فمتى ينتهي ذلك الحقد ومتى ستلقى صديقك لا بل أنت صديقي من الآن فصاعداً .
إياك أن تبحث عن مأوى فصدري مأواك .
يرد الصديق الحزين قائلأ :
ولكن صدرك لن يتسع لي بعد اليوم فأنت تملكفي داخلك كل قلوب المحرومين الذين يشبهوني
وسرعان ما يرد الصديق قائلا ً :
لا تحزن يا صديقي فهناك ستجد أن الجنة قد تفتحت سأفسح لك بين شراييني لتتغذى من دمي , وتسهر على نغمات أوتارها.
وتشرف من أعالي الصدر فلك العرش و لي البوابة .
لا تحزن فلن تيأس بعد اليوم يا صديقي , فمها حصل فأنت و أنا سنبقى جسدان في روح واحدة قد تآلفت قلوبنا على الحب الذي انقرض بوجود الحياة .
ليس هناك ما يحزن , ليس هناك في الأرض ما يبكي نعم لأن الأرض هي الحزن , وهي الدمع الذي أغرقتنا به .
أصبر والأرض لا تصبر تتنظر أن أنفجر من البكاء ,وأودع طيور الكناري التي تربت بين ضلوعي .
تتنظر أن أودع حديقة أزهاري التي حملت لها كل غرسة من غرساتها على رمشي , وثبّت جذورها بعيناي و سقيتها من دموعي , تنتظر أن أودع فاطمة التي أبكتني دهراً .
تريدني أن أرتدي لها وشاحي الأبيض لتبدأ بالتهامي .
فما هو حزنك يا صديقي نعم أنا أختار الموت على أن يمس صديقي شيءٌ من الحزن لذلك أجبت الأرض قائلاً :
لك ذلك ذلك أيتها الأرض , ولكن هل لي قبل هذا من طلب المودع للحياة اعتبريه طلباً أخيراً ثم افعلي ما شئت حطمي ضلوعي وامتصي دمي شوهي ما شئت من جسدي .
ولكن قبل ذلك ودّعي أصحابي الذين خبأتهم بين ضلوعي دعيهم ثم خذيني إليك فهم لا دخل لهم في معركتنا ..
ودّعي الطيور , ودّعي الأزهار , ودّعي فاطمة أرجوك وقولي لهم أني رحلت , وأني لن أعود إليهم .
فالوداع يا فاطمة الوداع يا أصحابي الوداع يا طيوري الوداع يا زهوري الوداع أيتها الحياة .
ففي هذا الزمان لن أضحك إلا قليلاً ولن أبكي أيضاً فهناك من يضع الحواجز التي لا يمكن أن نتجاوزها أبداً , وأخيراً أقول :
ترحل عن مكان فيه ضيم                       وخلي الدار تنعي من بناها
فإنك واجد أرضاً بأرض                        ونفسك لم تجد نفساً سواها

الصداقة كنز لا يفنى فإن وجدت صديقاً فإنها معجزة فحافظ عليه ولكن في سبيل ذلك إبداء نفسك فليس من الشيء الثمين أن تقدم أثمن شيء لديك لصديقك فهو حقاً أثمن من أثمن شيء لديك
 
أحمد الشهابي
economic880@live.com