بحث
بحث متقدم

 

تضحية صديق 
في هذا الكون ستبقى أنت وحدك فيه حيّاً فهناك أنت أيها الإنسان صاحب الضمير الحي .
فهناك أجسام حولك , ولكن مفعمة بالسواد ذلك السواد الذي لن يرى النور .
فمن يغرس في قلبه المحبة لن يجد من يبادله الشعور ذاته فيرى سكاكين الموت تحوم حوله كما تحوم طيور الرمة حول جثتها و تحاول أن تأخذ مكاناً في جسدك     وأصعب ما يكون منها تلك التي تحط في القلب ، فتبكيك على مر الزمان دماً ولن يقدر على محوها طول السنين , ولكنها ستنتهي .
ولكن متى..... ؟
ستنتهي عندما توضع في منزلك الأخير هناك حيث لن تتعذب من تلك الآلام مرة أخرى .
ومنها ما يحط في الجوارح فيقتل البراءة التي تلمع بين عينيك , و تجعل منك مصنعاً يصنع الحب و اللاحب معاً .
لن تجد بعد اليوم من يبادلك شعور المودة فذلك هو الجرح الخامس خلال هذا الأسبوع المتآكل الأطراف .
الذي لم يرمي على أكتافك سوى الأثقال التي لا يطيقها إنس ولا جان ولا تحملها أرض ولا سماء .
وأجرت عيناك دموعاً بعد الماء دماءً فما تلك الحياة ومن هو الصادق بحق الإله.
 هل تريد البقاء ذلك ذلك الطفل اللطيف أم أنك ستتحول إلى ذلك المصنع الذي صنعه البغض و الحقد .
لم يعد لك مكانٌ بين البشر و الأفضل أن ترحل كما رحلت فتاة قيس.
ولكن تلك غيبها القدر اما أنت فسيغيبكسواد البشر الذين طغت مصلحتهم على جمالهم .
وأنت لا وجود لك بينهم .
فاذهب لعلك تلاقي أصحابك كما لاقت تلك الفتاة صحيباتها .
ولكن ما الذي أسمعه " يرد الصديق الوفي الذي لم يهن عليه زجر الناس لصديقه "
لا تخف يا صديقي لن تجد بعد اليوم من يؤذيك كما كانت تلك الفتاة فهي لم تعد تبكي.
اذهب لعلك آنست شعراً بين اللورى أم لعلك آنست ناراً بين ضلوع البشر ذلك هو الظلم تلك النار المتأججة بين ضلوعهم فمتى ينتهي ذلك الحقد ومتى ستلقى صديقك لا بل أنت صديقي من الآن فصاعداً .
إياك أن تبحث عن مأوى فصدري مأواك .
يرد الصديق الحزين قائلأ :
ولكن صدرك لن يتسع لي بعد اليوم فأنت تملكفي داخلك كل قلوب المحرومين الذين يشبهوني
وسرعان ما يرد الصديق قائلا ً :
لا تحزن يا صديقي فهناك ستجد أن الجنة قد تفتحت سأفسح لك بين شراييني لتتغذى من دمي , وتسهر على نغمات أوتارها.
وتشرف من أعالي الصدر فلك العرش و لي البوابة .
لا تحزن فلن تيأس بعد اليوم يا صديقي , فمها حصل فأنت و أنا سنبقى جسدان في روح واحدة قد تآلفت قلوبنا على الحب الذي انقرض بوجود الحياة .
ليس هناك ما يحزن , ليس هناك في الأرض ما يبكي نعم لأن الأرض هي الحزن , وهي الدمع الذي أغرقتنا به .
أصبر والأرض لا تصبر تتنظر أن أنفجر من البكاء ,وأودع طيور الكناري التي تربت بين ضلوعي .
تتنظر أن أودع حديقة أزهاري التي حملت لها كل غرسة من غرساتها على رمشي , وثبّت جذورها بعيناي و سقيتها من دموعي , تنتظر أن أودع فاطمة التي أبكتني دهراً .
تريدني أن أرتدي لها وشاحي الأبيض لتبدأ بالتهامي .
فما هو حزنك يا صديقي نعم أنا أختار الموت على أن يمس صديقي شيءٌ من الحزن لذلك أجبت الأرض قائلاً :
لك ذلك ذلك أيتها الأرض , ولكن هل لي قبل هذا من طلب المودع للحياة اعتبريه طلباً أخيراً ثم افعلي ما شئت حطمي ضلوعي وامتصي دمي شوهي ما شئت من جسدي .
ولكن قبل ذلك ودّعي أصحابي الذين خبأتهم بين ضلوعي دعيهم ثم خذيني إليك فهم لا دخل لهم في معركتنا ..
ودّعي الطيور , ودّعي الأزهار , ودّعي فاطمة أرجوك وقولي لهم أني رحلت , وأني لن أعود إليهم .
فالوداع يا فاطمة الوداع يا أصحابي الوداع يا طيوري الوداع يا زهوري الوداع أيتها الحياة .
ففي هذا الزمان لن أضحك إلا قليلاً ولن أبكي أيضاً فهناك من يضع الحواجز التي لا يمكن أن نتجاوزها أبداً , وأخيراً أقول :
ترحل عن مكان فيه ضيم                       وخلي الدار تنعي من بناها
فإنك واجد أرضاً بأرض                        ونفسك لم تجد نفساً سواها

الصداقة كنز لا يفنى فإن وجدت صديقاً فإنها معجزة فحافظ عليه ولكن في سبيل ذلك إبداء نفسك فليس من الشيء الثمين أن تقدم أثمن شيء لديك لصديقك فهو حقاً أثمن من أثمن شيء لديك
 
أحمد الشهابي
economic880@live.com
Delicious Digg Facebook Fark MySpace