بحث
بحث متقدم


في بلدنا عاشت حضارات كبرى كانت قد هزت العالم بثقافتها و غيرت مجرى التاريخ .. أما اليوم فنحن عبيد للمسلسلات التركية المدبلجة و ستار أكاديمي و الفيس بوك و المجلات التي تصور الحفلات !
في بلدنا كانت المكتبات تشع حضارةً من الصين إلى إوروبا ، أما اليوم فنحن نصدّر مئات الكتب التي تتكلم عن الأبراج و ماجي فرح و ألف نكتة و نكتة و كيف تعملين الرز بحليب من غير معلم .
في بلدنا كان الكرم و الشهامة هما السائدان و كان المثل الأعلى لحاتم الطائي الذي ذبح حصانه ليكرم ضيفه, أما اليوم فالشاطر يلي بينصب على التاني و الأقربون أولى "بالمعروف" طبعاً.
في بلدنا كان الماء يروي الحياة بكل أشكالها, أما اليوم فالجرذان و ضفادع المستنقعات تأبى أن تمس ماءها خوفا من أوساخها و رائحتها.
في بلدنا كان السياح يقصدون هواءنا الصحي ليملؤا رئاتهم بالأوكسجين ، أما اليوم فأرضنا الخضراء تحولت إلى معامل لإنتاج البلوك و هواءنا أصبح مليئاً بغبار طلع السرطان المنبعث من عوادم الشاحنات.
في بلدنا كان الخبز لذيذا يشعرك بلذة الحياة و خيرها, واليوم أصبح نوعا من الورق المضغوط المعالج ما إن تأكله حتى تتذكر طريقة عمل أوراق الصحف و المجلات.
في بلدنا كان اللبن و الجبن و الزيتون و الخضار و الفاكهة بأنواعها , و اليوم أصبح لدينا كنتاكي و كوكا كولا و برينجلز و البقرة الضاحكة على ما آل بنا الحال إليه.
في بلدنا كان شرطي المرور ينال راتبه لينظم السير, والآن أصبح ينال "المعلوم" لينظم عكس السير.
في بلدنا كانت موسيقى أساطير الطرب و الفن تملأ البيوت و الشوارع، أما اليوم فأصبح لدينا مدرسة "بحبك يا حمار" للغناء العربي و "بوس الواوا" و فهمكن كفاية.
في بلدنا كان الأدب و الشعر في كل منزل ، و اليوم استبدلت بقنوات الميلودي و روتانا و البلاي ستيشن.
في بلدنا كان الأطفال يشاهدون توم و جيري و افتح يا سمسم, أما اليوم فأبطالهم سبايدرمان و باور رينجيرز والمضطرب و مراهقو التايتنز و غيرها من أفلام العنف الكرتوني.
في بلدنا كانت الحدائق مركزا للراحة و تأمل الطبيعة، واليوم أصبحت مرتعا للقمامة و السفاهة و الرذيلة.
في بلدنا كان المعلم في المدرسة باني الأجيال و منبرا للعلم، و اليوم أصبح الطالب بثقافته الشحيحة أكثر علما و ثقافة و أدباً من معلمه.
في بلدنا كان المغترب عن الوطن معتوها، اما اليوم فمن لا يغترب عن الوطن يصبح مجنونا.

آه يا بلدنا لو تعودي كما كنت عليه، لو يعود لك بريقك و نضارتك و خيرك، لكنت الآن مع أبناءك و بين أحضان طبيعتك بدلا من صحراء الغربة التي أعيشها.

Delicious Digg Facebook Fark MySpace