بحث
بحث متقدم

 

العَادة والإعادة
دائماً الحزن هو الرفيق…
في حزننا نجد ذلك الأمان الذي يخدعنا بهدوئه، وفي حزننا نجد ذلك الانطواء الذي نختبئ في حضنه ليجعلنا نعتقد أن في حناياه حناناً… ولكن…؟!
هل جربنا أن نختبئ في حضن السعادة مرة لنشعر بألقها…؟ وهل يمكن لهذا الألق أن يكون الصدق.. حتى يصبح الصديق والرفيق... 
إن الحزن عادة …. كما السعادة عادة 
اعتدنا الحزن لأننا اعتدنا أن نكسب من حزننا، اعتدنا أن نحصل على كل أنواع العواطف ممن حولنا بل والأهم من نفسنا، اعتدنا أن نحنو على نفسنا لأنها حزينة… نشفق عليها لأنها حزينة… ننطوي معها أكثر لأنها حزينة، ننطوي أكثر لننغلق أكثر ونغلق أكثر دائرة الوجود لنحرم من جود الموجود اللامحدود فينا...
إن الحزن عادة، لأنه أسهل عادة… 
أنت اليوم حزين، وغداً ستكون حزين أيضاً فقط لأنك كنت البارحة حزين، فالحزن سيأتي بكل سهولة لأنك خلقت له أساساً واستمرارية… واليوم الذي بعد غد، لن تفكر حتى قبل أن تحزن… فالحزن سيأتي وحده دون دعوة ودون سبب… لأنك اعتدت أن تحزن فقد صار رفيقاً مألوفاً لديك يدخل دارك دون أن يستأذن لأنك أنت سمحت له بذلك...
ولكنك لا تحب هذا الرفيق الذي تراه يدخل ويطيل المكوث ويصبح وجوده ثقيلاً يوماً بعد يوم… وكم مرة أحببت أن تخرج منه وتخرجه منك، أن ترميه بعيداً، وتعيد الكرة في كل مرة ولكنك كنت تعود حزيناً كل مرة... 
لأن الخروج من الحال ليس فقط بأن لا تحب البقاء فيه، أو أن تحب الخروج منه، بل حريتك من حالك هذا ستكون في لحظة وعي وإدراك عميقة بأنك لا بد لك من أن تفك أسرك من عادة طالما أسرتك...
وفي لحظة الإدراك هذه يأتي القرار… ويأتي البديل والسبيل... والسبيل لتغيير العادة … هو عكس العادة
 فإن اعتدت أن تكون حزيناً …. حاول أن تكون سعيداً
 وهل هناك أحلى من هذه العادة …. عادة السعادة
فكما اعتدت أن تكون حزيناً اجعل من السعادة عادة… إنها عادة صعبة ولابد منها، فالسعادة يجب أن نذهب نحن إليها… أن نخلقها خلقاً فينا، ولا بد أن يكون خلقاً حقاً حتى يحمل الألق والنور معه.
 أما الحزن فهو من يأتي إلينا ودون أدنى جهد منا.
 إن في القديم دائماً أمان لأننا اعتدناه، إنه يأتي بسهولة إليك فقد ألفته وألفك، ولكن الجديد غريب دائماً، مع أن هذا الغريب يحمل كل الحب معه، فقط يحتاج لأن تمد يدك عالياً أكثر… و تفتح قلبك نوراً أكثر… وتتنفس حباً أكثر…
تنفس…… وهل هناك أسهل من هذه الدعوة، فقط تنفس بعمق… تنفس بوعي… تنفس بحب، وستصبح دائماً السعادة عادة
 إن فينا طاقة الحب والنور فلم نحبسها في حزن وشجون... أطلق سراح النور فيك ولن تجد مسكناً لك إلا السعادة ولن تجد حضناً لك إلا السعادة . 
وحالما تخرج من دائرتك التي أغلقتها بالحزن، وبمجرد إدراكك لهذا الخروج تكون قد أطلقت سراح طاقة كانت حبيسة عادتك، هذه الطاقة التي انطلقت تركت مكانها فراغاً لا بد له من ساكن جديد، وإلا ضعت وعدت للقديم.
فاستقبل ساكناً جديد وليكن دائماً عكس القديم. 
كنت حزيناً …. فلتصبح سعيداً 
اخلق هذه العادة فيك ، وأعد خلقها مرات ومرات... وليكن خلقك لها أقوى من أي رغبة في العودة للعادة القديمة فقط كن حاضراً دائماً، وعندما تجد نفسك تعود لعادة تحاول تركها.... فقط افعل شيئاً ما.
 إن اعتدت أن تكون حزيناً، وعندما يبدأ الحزن بشدك لتغرق فيه... قم وامشي..... امشي طويلاً دون أن تحدد الهدف فقط امشي، امشي بكيانك وليس فقط بجسدك، امشي بعقلك وقلبك وجسدك ونَفَسِك... كن واعياً لخطواتك ولتناغم هذه الخطوات مع نَفَسِك، امشي طويلاً وشيئاً فشيئاً لن يتمكن الحزن منك.
 أو هل جربت أن ترقص.....!
عندما تكون حزيناً.... قم وارقص
وهل نرقص حزناً ...؟ لا... الرقص لا يكون إلا فرحاً... وكأننا نعود إلى قانون السر والسحر... السبب والنتيجة
ارقص أولاً... والرقص سيحمل الفرح بين ثناياه ويقدمه لك... لا تنتظر أن تفرح حتى ترقص...
بل أرقص والفرح سيأتي وحده... 
إن كنت حزيناً.... أرقص ولعل رقصك سيكون حزيناً في البداية ولكنه لن يبقى... ففي الرقص سحر ولا أقوى وهذا السحر كفيل بأن يحول حزنك فرحاً حتى قبل أن تدركه بعقلك، إن الحال سيأخذك وحده إلى حيث الفرح العميق، وبعد الرقص لن يبقى حزنك حزناً... فقد حولته رقصاً وفرحاً... 
والعقل بعدها لن يستطيع أن يعود لحاله السابق فقد خلقت شيئاً جديداً بداخله هو لم يألفه... ولم يألفك ترقص عندما تكون حزيناً، ولهذا الخلق قوة كبيرة أقوى من قدرته للعودة لحال الحزن الذي كنت فيه... 
إن المشكلة ليست في الحزن نفسه، وليست في أي حال سلبي نعيشه، ولكن المشكلة في قدرتنا على عدم العودة لمنغلقٍ رسمناه بعقلنا وطاقتنا، المشكلة في الرغبة بعدم العودة لتلك العتمة الصغيرة ثانيةً... 
إن كل القدرة فينا فقط فلنحررها وننطلق للنور. 
إن العادة أياً كانت أو مهما كانت، تحمل قوة كبيرة بداخلها، وفي كل مرة نكررها ونعيدها، نكون بذلك نشحنها بالطاقة من جديد، وتتضاعف قوتها أكثر فأكثر، وسنبقى نكررها حتى نصبح خبيرين فيها، وبهذه الخبرة وبهذه القوة والطاقة نجعلها تسيطر على العقل... 
وحتى نتحرر من أي عادة فقط علينا أن نجردها من هذه الطاقة والقوة التي منحناها إياها بإرادتنا، ولكي نجردها من هذه القوة علينا أن نخلق هذه الطاقة في فعل جديد كل مرة... فالغضب لن يبقى غضباً إن استطعنا أن نتنفس عميقاً في كل مرة يسيطر فيها الغضب على عقلنا... والحزن لن يبقى حزناً إذا استطعنا أن نخلق حالاً جديداً يأخذنا من حزننا في كل مرة، فالعقل لن يستطيع أن يعود بك إلى حال قديم إن خلقت الطاقة بفعل جديد كل مرة. 
إن حزنت امشي طويلاً... إن حزنت أرقص طويلاً.... إن حزنت قف تحت الماء واغسل حزنك بقلبك... 
إن حزنت... افرح  
وهل هناك أحلى من هذه الدعوة، فكما تفكرون تصبحون...فكر حزناً وستجد الحزن رفيقاً دائماً...
 
فكر فرحاً...ستجد الفرح يأتيك أمواجاً... وسيحملك إلى حيث الألق والنور، إلى حيث تستطيع أن تحيى مع نفسك بأجمل سلام... 
فلنجعل من السعادة عادة... لأن في هذه العادة مفتاح ألف سعادة وسعادة...
Delicious Digg Facebook Fark MySpace