بحث
بحث متقدم

رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مع عائشة -رضي الله عنها- في رحلة الحج -

       كان - عليه الصلاة والسلام- يُشرك أهله في شؤونه ، ومن ذلك إشغالهم بالنسك ومقدماته تشويقاً لهم إليه، كما في حديث عائشة - رضي الله عنها- أنها قالت: ( فَتَلْتُ لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم- تعني القلائد – قبل أن يُحرم ) (1).

      بل ويستعين بهم في خاصة نفسه كما في قول عائشة - رضي الله عنها-: (كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لإحرامه حين يُحرم، ولِحله قبل أن يطوف بالبيت ) (2).
      ولا يخفى ما في مشاركة الزوجين لبعضهما في الشؤون الخاصة،  أو المشتركة من التآلف والتواصل، وإدخال السرور والحبور إلى قلبيهما.
وعن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها-: ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج حتى جئنا سرف فطمثت ، فدخل علي رسول الله وأنا أبكي ، فقال : ما يبكيك؟ فقلت: والله لوددت أني لم أكن خرجت العام. قال: مالك ؟ لعلك نفست . قلت: نعم، قال: هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري – إلى أن قالت – قلت: يا رسول الله، يرجع الناس بحجة وعمرة وأرجع بحجة ! قالت : فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني على جمله . قالت : فإني لأذكر وأنا جارية حديثة السن أنعس فيصيب وجهي مؤخرة الرحل ، حتى جئنا إلى التنعيم ، فأهللت منها بعمرة جزاء بعمرة الناس التي اعتمروا ) (3).
       فتأمل كيف واساها النبي - صلى الله عليه وسلم- ، وأرشدها إلى ما ينبغي لها فعله ، ثم لما قضت حجها لم تهنأ نفسها بأن يعود الناس بحج وعمرة وتعود هي بحج فقط، طيَّب نفسها وسمح لها بالعمرة -مع أن حجها يكفيها عن عمرتها- بل وهيّأ لها ذلك بأن أمر أخاه بالخروج بها إلى التنعيم والاعتمار بها ، حتى قال جابر - رضي الله عنه- بعد أن ساق القصة ( وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رجلاً سهلاً ، إذا هَوِيَت الشيء تابعها عليه ، فأرسلها مع عبد الرحمن بن أبي بكر فأهلّت بعمرة من التنعيم ) (4).
        عن أم سلمة - رضي الله عنها- قالت ( شكوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أني أشتكي ، فقال : طوفي من وراء الناس وأنت راكبة، فطفت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- يصلي إلى جنب البيت وهو يقرأ بالطور وكتاب مسطور) (5).
       عن عائشة - رضي الله عنها- قالت:  نزلنا المزدلفة ، فاستأذنت النبي - صلى الله عليه وسلم- سودة أن تدفع قبل حَطْمة الناس –وكانت امرأة بطيئة – فأذن لها ، فدفعت قبل حطمة الناس ، وأقمنا حتى أصبحنا نحن ، ثم دفعنا بدفعه ، فلأن أكون استأذنت رسول الله - صلى لله عليه وسلم- كما استأذنت سودة أحب إلي من مَفروح به ) (6).
         قال النووي -رحمه الله- معلقاً على قول جابر - رضي الله عنه- : [ أي سهل الخلق كريم الشمائل ، لطيفاً ميسراً في الخلق كما قال الله تعالى: ( وإنك لعلى خلق عظيم )، وفيه حسن معاشرة الأزواج، قال الله تعالى: ( وعاشروهن بالمعروف ) لا سيما فيما كان من باب الطاعة ] (7).
 
فتـــأمل هذا الحلم والصبر والسهولة ، ثم ائتسي به فلا خير في علم لا ينفع صاحبه .
Delicious Digg Facebook Fark MySpace