بحث
بحث متقدم

الجزء الثاني
حتى أنني أدرك للمرة الأولى في حياتي روعة جمال عينيها السارحتين بعالمها الكلثومي
وتلك الخصلات المتدلية على جبهتها مازالت كما رايتها أول مرة .....لم يقترب الشيب منها بعد وكأن الزمن مر بجانيها ولم يترك بصمته عليها ....
كيف لم الحظ هذا الجمال الهادئ من قبل
هل هم الرجال فعلا هكذا !!!!
يبصرون جمال أي امرأة إلا زوجاتهم!!!!
ترى هل هو الاطمئنان الذي يغزونا بعد امتلاكنا لهم!!!
أم أنها أنانية الرجل !!
هل كنت فهلا أنانيا أم أنني كنت محدود الذكاء لكيلا استطيع أن استوعب لماذا كانت تطالبني دوما بوردة حمراء اغرسها بخصلات شعرها ...واتزرع دوما بوجود ماهو أكثر قيمة وفائدة من مجرد وردة ستذبل بعد دقائق.....
وكم كنت أراها سخيفة بجدالها ومطالبتها أن اقطف وردة من سور الجيران أو أي مكان ......
رغم أن زوجتي لم تكن أبدا سخيفة يوما .....
بل حكمتها وانضباطها يشهد عليه الجميع ..
مازلت اذكر رغبتها بان امسك يدها على شاطئ البحر واحتضنها كما احتضنت الشمس البحر ....
لكنها لم تلبث أن فقدت الأمل بي
ليتها لم تفقد الأمل .....ولم تكمل حياتها بعيدة عني
لالا....ليست هي من ابتعدت
بل أنا من أبعدها عني عنوة ......
وكأني كنت أؤمن بفكرة أن الرجل من المريخ والمرأة من الزهرة ......ولم أكن أبالي أن اخلق من الأرض كوكبا يجمعني بها ......
واليوم علي أن اعبر ملايين الكواكب .....
لأحظى بلحظة التقي بها بزوجتي......
ولكني لن اخسر شيئا ......ولن يسوء وضعي أكثر مما أنا عليه الآن ......
سأخطو تلك الخطوة ...وان باءت خطوتي بالفشل
سيكون الفشل أفضل بكثير من أعيش بكل لحظة وهم تمني المحاولة دون أن اعرف نتائجها
استجمع الزوج سنين عمره معاندا انحطاط عزيمته وكأنه يرمي عن كتفيه ثقل سنين طوال شاخت على ظهره....
وعلى نغمات ام كلثوم ترامت خطواته البائسة للاقتراب من زوجته
وبهدوء تام لم تلحظه زوجته جلس بجانبها وامسك بكرة الصوف وقال لها مبتسما والخوف قد غزاه:
هل تودين أن أساعدك
ولكن الكلمات تكسرت على شفتيه
وانسابت جميع الحروف من بين يديه
ولم يعد بمقدوره سوى المكوث صامتا واللعب بكرة الصوف
وكأنه لم يكن في نيته سوى أن يرمي الكرة من يديه إلى ملعب زوجته
لتقرر هي الخطوة القادمة

فهي صاحبة الإقدام بأي خطوة في هذا المنزل
ولم يعد يجيد هو سوى الانتظار بصمت

انتظر وكأن الثواني تمر بأعوام
لكن نظرة زوجته وابتسامتها أعادت نور الشمس إلى زاويته المعتمة ....فأنارت شعاع الأمل على شفتيه واقترب منها قليلا ليهمس لها بأنه مازال يذكر عيد زواجهما ....
ولكن نظرة الاستغراب التي نثرتها زوجته إعادته إلى عالمه الصامت .....
لكنه لم يستسلم فطلب منها أن ترتدي أروع مالديها ليختصر ثلاثين عاما بهذا اليوم
ولم تعارض الزوجة وبينما مل الانتظار منه فاجأته زوجته بإطلالتها
وكأنه يراها لأول مرة في حياته
فامسك بيديها الناعمتين وبكل خطوة كانا يسرقا من الزمن سنين وسنين .....
ووسط الطريق انسحبت يده من يديها
وتسارعت خطواته متجاهلة شيب شعره
واقترب من سور احد المنازل ليقطف وردة حمراء طال انتظارها له
وعاد ليزرع تلك الوردة في بساتين يديها
لترميه نظرتها المصدومة في بساتين بسمتها البريئة
لدرجة انه ظن أن زوجته لم تكمل الخامسة عشر من عمرها
وذاك البريق الذي ومض في عينيها انتشله من هذا الكون ليأسره في عالمها....
فتاه بين يديها
اهو حب جديد أم عشق تأخر كثيرا
لا ادري
غرقت همساته بين أمواج البحر
ولوهلة خجل البحر من رقة مشاعرهما
ونساهم الكون فنسيا الزمن والوقت
وبعد أن غرقت الشمس لأول مرة في بحر عينيهما
غرقت الزوجة بين أحضان زوجها لتغفى على همساته
وقبل أن تسرقها أحلامها همست في أذنه
احبك
ثم غرقت في بحر أحلامها وقد رسمت على شفتيها ابتسامة ناعمة
أضاعت الزوج هذه الكلمة وتلك الابتسامة الشفافة وشردته أفكاره
هل من المعقول أن يكون ثمن هذه الكلمة وردة صغيرة !
وثمن هذه الابتسامة همسة على شاطئ البحر!
لم أكن ادري أن سعادتي وسعادة زوجتي سهلة المنال لتك الدرجة .....
وتلك الأميال الشاسعة التي كانت تبعدني عنها أعبرها بخطوة وهمسة واحدة؟.....
لم أكن أؤمن أن الزوجة والأطفال يحتاجون أشياء أخرى سوى المال
شتته كثيرا أفكاره ولكن عندما استيقظ منها ادر كان زوجته قد فارقت الحياة بهدوء تام ومازالت ابتسامتها مرسومة على شفتيها
لقد كانت آخر كلمة همسة بها هي احبك
نعم لقد تأخر كثيرا ليخطو تلك الخطوة الصعبة السهلة نحو زوجته....
ولكنه استطاع أن يلبسها تاج الأميرة في آخر ليلة لها بين يديه وقبل أن تعيده إلى عالمه
ولكن هذه المرة رسمت له الخطوة الأولى إلى عالم يجمعه بأولاده
وشكرا


 



Delicious Digg Facebook Fark MySpace