بحث
بحث متقدم

الوطن ليس شجرة، أو منزل، طريق، أصدقاء، علم أو صورة، ذكريات، أحاسيس، نظريات، والوطن ليس بقرة حلوب

الوطن ليس جغرافية ، مدن وقرى ، جنوب وشمال ، ساحل وجبل

الوطن طفل صغير يلعب في حدائقنا وشوارعنا كل يوم

لم نأبه لهذا الطفل يوما، فكل لاه بهمومه ومشاكله ومشاريعه ، وكل لاه بالكيد للآخر ومخالفة القوانين والسعي وراء ملذاتنا

لم يدرك الطفل كم كان وحيدا إلا بعد إن انطلق الرصاص بكل الاتجاهات

لم يخف، راقبنا ونحن نتراكض في كل الاتجاهات مذعورين ليحتمي كل منا وراء خندقه

ومن وراء خنادقنا رفعنا صورنا وشعاراتنا، وبدأنا بعملية الفرز

حوراني، سني، علوي، مسيحي

وغصنا في التفاصيل أكثر وأكثر

وبدأنا بالجدال حول الفرق بين الشهيد، والقتيل

وبين الحورانة وأهل درعا

وبين علوية اللاذقية وسنة الصليبة

وبين أهل دوما الطيبين ، وأهل دوما المتشددين

قرف الطفل من هذا المشهد

أغلق عيناه كي لايرى قبحنا

صم أذانه كي لايسمع أصوات التكفير والتخوين والرصاص واللهجات الحورانية والساحلية والسعودية واللبنانية والعراقية والأردنية والإسرائيلية والأمريكية

هرب الطفل منا إلى جبل قاسيون ليلا

وهناك، نظر إلينا من الأعلى

في البداية كان المشهد رائعا، نسمة ربيعية وهدوء وأضواء المدينة تتلألأ

ولكن عندما أمعن النظر

أصبح الطقس باردا ، وصدى الرصاص في كل مكان ، وأنوار البيوت خافتة محبطة قلقة

مازال الطفل جالسا هناك يراقبنا ، مازال الوطن جالسا هناك يراقبنا.أراد أن يصرخ ليخرج كل مافي صدره

ولكن الشفاه ارتجفت ، فخرج الصوت خافتا ليقول

أرجوكم ، أنقذوا الوطن

أمية المقداد

Delicious Digg Facebook Fark MySpace