بحث
بحث متقدم

لم يكن انحطاط المسلمين أولا ،وفشلهم وانعزالهم عن قيادة الأمم بعد،وانسحابهم من ميدان الحياة والعمل أخيرا ، حادث من نوع ما وقع وتكرر في التاريخ من انحطاط الشعوب والأمم ، وانقراض الحكومات  والدول ، وانكسار الملوك والفاتحين ، وانهزام الغزاة المنتصرين ، وتقلص ظل المدنيات والجزر السياسي بعد المد . فما أكثر ما وقع مثل هذا في تاريخ كل أمة ، وما أكثر أمثاله في تاريخ الإنسان العام ! ولكن هذا الحديث كان غريبا لا مثيل له في التاريخ ، مع أن في التاريخ مثلا وأمثلة لكل حادث غريب.

لم يكن هذا الحادث يخص العرب وحدهم ، ولا يخص الشعوب والأمم التي دانت بالإسلام ، فضلا عن الأسر والبيوت التي خسرت دولتها وبلادها ، بل هي مأساة إنسانية عامة لم بشهد التاريخ أتعس منها و لا أعم منها .فلو عرف العالم حقيقة هذه الكارثة ، ولو عرف مقدار خسارته ، وانكشف عنه غطاء العصبية ، لاتخذ هذا اليوم النحس _ الذي وقعت فيه- يوم عزاء ورثاء ، ونياحة وبكاء ، ولتبادلت شعوب العالم وأممه التعازي ، ولبست الدنيا ثوب الحداد . ولكن ذلك لم يتم في يوم ، وإنما وقع تدريجيا في عقود من السنين . والعالم لم يحسب إلى الآن الحساب الصحيح لهذا الحادث ، ولم يقدره قدره ، وليس عنده المقياس الصحيح لشقائه وحرمانه .

وماذا آل إليه أمر الدنيا ، وماذا صارت إليه الأمم بعدما تولت قيادها الأمم الأوروبية حتى خلفت المسلمين في النفوذ العالمي ، وأسست دولة واسعة على أنقاض الدولة الإسلامية ؟ وماذا أثر هذا التحول العظيم في قيادة الأمم وزعامة العالم في الدين و الأخلاق و السياسة والحياة العامة وفي مصير الإنسانية ؟

وكيف يكون الحال لو نهض العالم الإسلامي من كبوته ، وصحا من غفوته ،    وتمللك زمام الحياة ؟

 

Delicious Digg Facebook Fark MySpace