بحث
بحث متقدم

نساء جميلات.. نساء كالأحلام‏

يخطرن أمامك على الشاشة‏

أو في الشارع‏

في الأصائل الناعسة!‏

وأنا الذي رأيتكن من بعيد‏

بعينين وادعتين‏

ما كان لي أن أنبس بحرف‏

لكني رفعت يدي بتلويحة متلاشية!‏

نساء جميلات.. نساء كالأحلام‏

ذاك أنه في مملكتكن المترامية‏

بلا حدود‏

والمضمخة بأريج مساءات صافية‏

حيث تترجرج الثروات حول مؤخراتكن‏

الناعمة‏

لم يكن لي مكان البتة‏

وما كان لي أن أدلف‏

إلى سهوبكن الشاسعة الملأى‏

بجياد أصيلة‏

وملاعق شاي مذهبة!‏

كنا نقف، دوماً،‏

مروان عيدان وأنا‏

على حدود المملكة‏

نتهامس بأحزاننا الساطعة‏

ونبكي بلا دموع!‏

كان يائساً جداً‏

وشاحباً إلى الأبد‏

وإلى الأبد كان بلا أمل!‏

ما كان لنا حتى‏

أن نرفع النظر اليكنَ‏

لكني جرؤت يوماً‏

فقُلعتْ عينايَ‏

وأدمي قلبي‏

وطردتُ إلى خلاء خارج الدنيا!‏

نساء جميلات.. نساء كالأحلام‏

خُطا كحفيف الفراشات‏

بأثداء صغيرة تخفق كالقلوب‏

وتتحدى الرجال والعالم الذهب‏

أية أقدار حيكت لكنَ‏

في مغارة الآلهات الثلاث الرهيبات‏

وأية مغازل يا ترى اصطنعن‏

لهذه الرهافة الآسرة؟‏

لم يتركن لنا فيكنّ‏

حتى عقب أخيل‏

وأعلمنني بذلك!‏

ها أنتن ترتدن معارض الرسم الأنيقة‏

وحفلات الشاي‏

وتمخرن في أبهة حي (المنصور)‏

و(الكرادة خارج)‏

دون أن تأبهن بنوارس مساءاتنا‏

التي تحلق بعيداً.. بعيداً‏

بقلوب تنزف‏

من حيث نقف‏

مروان عيدان وأنا‏

كشبحين بلا جفون‏

تعذبنا أبدا‏

الفتنة التي لا يمكن أن تُطال!‏

نساء جميلات.. نساء كالأحلام‏

أنتن كأوز مشاكس أنوف‏

أيتها الصبايا‏

تنسربن في ليالينا‏

ونحن نرقبكنّ من هنا‏

تمضينَ إلى البعيد‏

في ليلنا هذا الذي لا ينتهي لا ينتهي لا ينتهي لا ينتهي‏

وكل شيء قد سلّ بهاءه خفية‏

من عذريتكن الشاحبة‏

يملؤنا حزن لا ينضب‏

كجنود في صحراء‏

احتواها ظلام عميق!‏

نساء جميلات.. نساء كالأحلام.‏

نعم.. ليس لي أن أعزيك‏

أو أجد لك عزاءً‏

يا مروان عيدان‏

ودائماً أفشل في ذلك‏

دائماً.. دائماً‏

لكني نذرت حياتي لأثأر لك‏

ولتبقى معي حتى النهاية‏

وحتى النهاية سأقاتل لأجلك!‏

لم يكن لك أن ترى‏

حسناء المدينة‏

تمخر ليل المدينة الطويل‏

بشعلتها البيضاء‏

وللآن أنا لم أرها‏

لكنّا دوما تعثرنا برجالها النائمين‏

ونحن نمضي من مساء لآخر‏

يتبعنا صدى نحيب طويل‏

والقلب يلتهب بأشعة الشمس الغاربة!‏

نساء جميلات.. نساء كالأحلام‏

منذ وقت طويل‏

يا (لا أحد)‏

حلّقت البجعة عاليا‏

صوب شواطئ ليست لنا‏

ويوماً وراء آخر‏

خبت آمالنا‏

أملاً وراء آخر!‏

مروان يأبى أن يستفيق من عطركن‏

الرهيب‏

تتبعه الليالي كلها‏

متجولة بصمت في أزقة (السعدون)‏

الدامسة‏

يأبى أن أكون رفيقاً له‏

تلفّه من كل جانب‏

غلائل خرافتكن المدمرة!‏

حاولت أن أنهضه من موته‏

لم أستطيع إنهاضه من موته‏

لم أقدر على هذا!‏

ذاك لأن معاركنا الصغيرة لا تكفي‏

وبكاءاتنا لا تلين مدينة فظة‏

لأن أمطارنا قش!‏

من أجل هذا كله‏

لم نكن يوماً فرساناً مضرجي الصدور‏

نجيء لنحمل إليكن‏

زهرة الحب القانية!‏

لم نقبل من شواطئ مجهولة‏

حيث يحمل العبيد الأوفياء‏

العاج والآبنوس والطيوب الغريبة‏

التي سنأتيكن بها‏

فنطرحها تحت أقدامكن..!‏

كلا...‏

إنما نحن رجال شاحبون‏

يندبنا الحنين‏

إلى صحارى قصية ملوثة بالبكاء‏

حيث أرتال الموتى‏

تهمي في الصمت‏

بأناشيد مكسورة‏

بعيون حالمة تومض في الظلام‏

ترفرف الغربان فوقهم‏

في مدى مفتوح للقيظ والنسيان!‏

نساء جميلات.. نساء كالأحلام‏

مروان مضى بعيداً‏

وها أنا وحدي هنا‏

أبى أن أفارقه‏

أو يفارقني‏

معاً لنا الجحيم كله‏

نهبط فيه اللحظات كلها‏

بعيون مفتوحة لا ترمش‏

لا نطلب عزاءً‏

ولن نطلب البتة‏

نلّوح لـ (لا أحد) صديقنا‏

من على ساحل الحلكة بالقلوب‏

نعلم أقدارنا ونمضي إليها‏

دونما خشية‏

دونما أمل بالعودة!‏

نساء جميلات.. نساء كالأحلام‏

الرجال انصرفوا‏

ومروان أيضاً مضى يتبعهم‏

غاب في لجة الموت القارسة!‏

وأنت هناك يا (لا أحد)‏

بعيداً ووحيداً‏

تلفُّك عتمة الليل الهادئة!‏

أنت لم تدع لي‏

أن آتي وراءك‏

إلى غابتك البعيدة‏

حيث أنت، ربما،‏

منذ زمن بعيد‏

تخبئ شيئاً ما‏

لا أعرفه‏

هو جوهرة حياتك كلها!‏

أم تراك لا تملك شيئاً؟!‏

إذن..‏

لن يكون لنا بمحاجرنا القانية‏

ولا حتى النواح..!‏

نساء جميلات.. نساء كالأحلام‏

وسنرى أجسادنا وهي تشيخ‏

وبعدُ ليس ثمة من عزاء‏

ولن يكونَ!‏

أين تراك ستمضي من أعوامك‏

الخمسين‏

يا (لا أحد)؟‏

أتراك ستذهب وحيداً وراء الحب؟‏

أظنك فعلت ذلك‏

في الليالي التي تنثّ المطر!‏

ذهبت إليه بخُطا شبح‏

لا يترك ظلاً على الأرض‏

وليس له أن يبكي‏

ولن يبكي‏

بل مضيت بقلبك المنخوب‏

وعينيك المتعبتين‏

إلى جزر الحب النائية‏

حيث ليس ثمة من قمر‏

ولا نجوم!‏

نساء جميلات.. نساء كالأحلام‏

هم كل ليلة‏

يتركون تابوت الليل الطويل‏

صوب الولولات والحنين‏

وورود كثيرة تهمي فوق‏

النعوش‏

حيث مرت سنابك بعيدة‏

ورفوش وراء رفوش‏

وكل شيء يبتلعه الظلام والعويل!‏

ما كان لي أن أنسى‏

وكيف لي أن أنسى‏

عيونهم التي تبكي بلا دموع؟!‏

قوافل الذين مضوا‏

دونما أمل بالرجوع‏

في ليل الدموع‏

لا أحد عاد من هناك‏

ولن يعود!‏

نساء جميلات.. نساء كالأحلام‏

ذاك أنه في لياليكن العطرة‏

ومخادعكن الباذخة بالشهوة والأسرار‏

لا مكان لنا‏

فإنما نحن محض أنسام خريف‏

بكاءات سيوف‏

حشرجات ناي بعيد..‏

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ‏

 

Delicious Digg Facebook Fark MySpace