بحث
بحث متقدم

 

ابتسمت الأرض خضرة للربيع وبكت السماء وداعا للشتاء وانطلقت من الأشجار زغردة العصافير تحت سيول الأمطار والبيوت المتلاصقة تصدر الدخان وكأنها رجل عجوز يطلق همساته المرتجفة وبين هذه المساكن المنحنية كان في الحي ذاته الفتاة ذات الشعر الطويل جالسة خلف نافذتها التي تطل على الغابة ليذهب بها الخيال إلى اليوم الذي كان فيه العاشقان يتلاحقان ويركضان بين الأشجار والأمطار تهطل على أكتافهما وتوقفت الفتاة أمام إحدى الأشجار واقترب منها الشاب وهمس في أذنها أحبك فأبعدته عنها وتابعت ركضها بين الأشجار وهي تضحك بصوت مرتفع أغلقت النافذة وبدأت عيناها تدمعان وأرسلت مع حبات المطر شوقها إليه لعل الأمطار تدغدغ قلبه الغائب فتذكره بالفتاة التي ربطته بتوأم روحها فاشتد المطر وكأنه ينادي العاشق مع تلك الفتاة ليقول له تذكر القلب الذي امتلئ بحبك وكان الشاب لازال نائما في فراشه استيقظ على صوت المنبه فأوقفه وذهب إلى الحمام ليشاهد وجهه الملطخ بالدماء والجروح نظر إلى المرآة وقال سامحيني لأني لم أستطع حمايتك وفتح صنبور الماء ليغسل وجهه فرن جهازه الجوال حمل المنشفة ليمسح رأسه وأسرع إلى غرفته ونظر إلى رقم المتصل فكانت أمل فتح الخط ولم يتكلم فسمع صوتها تناديه بلهفة (نسيم) فأغلق الخط ورمى بالجوال على السرير فقالت أمل (أجل سوف أنساك) وبعد ساعات توقف المطر وابتعدت الغيوم المتلاصقة وأشرقت الشمس من بين الرماد المعتم لترسم في السماء الحياة الزرقاء وتبعد قلب العاشق عن الحب المعذب وما بقي لتلك الفتاة سوى غرفتها تجلس فيها لتناديه بصوت مكبوت (لماذا هجرتني لماذا نسيت يوم حبنا اليوم سأنتقم من حبك الكاذب) وكان اليوم موعد اللقاء في بيت العائلة وفي ذلك الوقت كان نسيم مشغولا في عمله يطلي الحائط باللون الوردي و قلبه مازال يردد كلمات التوسل للفتاة التي منحها كل روحه فحمل الفرشاة بيده وبدأ يرسم على الحائط فتشكلت لوحة مكتوب بداخلها اسم عشيقته النقية أمل وقال (اليوم سأعتذر منها) إلى أن جاء وقت المغيب وحان غروب شمس الأمل التي تعطينا الحياة وغادرت الطيور الشوارع إلى أعشاشها الدافئة وجاء الليل يحمل معه لحظة اللقاء بين العاشقين كان ذلك في بيت العائلة وحيث نسيم وأسرته جالسين مع أفراد العائلة الكبيرة فرن جرس الباب ابتسم نسيم ووقف وذهب أحد الأطفال ففتح الباب دخلت والدة أمل وتبعتها أمل مبتسمة نظرت إلى الغرفة وفوجئت بنسيم فتغيرت ملامح وجهها إلى الجدية وأغلقت الباب ودخلت وبدأت تصافح عائلتها واحدا تلو الأخر وهي مبتسمة إلى أن وقفت أمام نسيم فنظرت إليه وتخطته وكأنها لم تره فأصيب نسيم بدهشة قوية فجلس بهدوء ونظر إلى الأرض وهو غاضب وذهبت أمل وجلست بجانب فتيات عائلتها وقامت فتاة صغيرة وقالت للجميع ما رأيكم بأن نلعب لعبة العيون الثابتة فوافق الجميع وبدؤوا يلعبونها كبارا وصغارا ما عدا نسيم وأمل كانا في عالم الانتقام ينظران إلى الأرض ولا يصغيان إلى أحد فجاءت إحدى الفتيات وقالت الآن أصبح دور نسيم وأمل في لعب هذه اللعبة فضحك الجميع وبدؤوا بالتصفيق فقام نسيم وهو مبتسم وجلس على الأرض بانتظار أمل وقامت أمل بهدوء وجلست أمامه وبدأ النظر إلى عيني بعضهما وبدأ الجميع بالتشجيع لكن عيناهما خرجتا من اللعبة ليبدأ الحديث بصمت بين المحبين<o:p></o:p>


هو (لماذا تجاهلتِني)<o:p></o:p>


أمل (لأني نسيتك)<o:p></o:p>


هو (كنت أعاقب نفسي)<o:p></o:p>


أمل (وأنا لن أسامحك)<o:p></o:p>


فقال بوجه بريء لكني أحبك فأدمعت عيناها وقالت بصوت مرتفع لا تكذب وخرجت من الغرفة وهي تبكي فقام هو وخرج وراءها وفتح باب المنزل وذهب وبدأ الجميع يتحدثون عن سبب انهيار الحب بينهما ومع صباح اليوم التالي استيقظت أمل على رنين الجوال ينبهها بوصول رسالة نصية ففتحتها وقرأت اعذريني على الفراق لأني أحبك وكان نسيم في عربة القطار يحمل حقائبه ليذهب بعيدا لعل الزمن يجعلها تغفر وتسامح والفتاة التي تعانقت روحها بروحه كانت جالسة على سريرها ترسم وردتها النرجسية الملطخة بدماء الحب على الورق وهي دامعة العينين وكتبت تحت لوحتها كلماتها التي تنادي بها توأم روحها بصوت مرتجف<o:p></o:p>


((حبيبي أنت كل كياني خلقت لأجلك وسأبقى معك وسأموت لأجلك أحبك))
 
Delicious Digg Facebook Fark MySpace