بحث
بحث متقدم

 

العز بن عبد السلام

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

اذهب إلى: تصفح, البحث

العز بن عبد السلام (578-660هـ)، فقيه وداعية إسلامي، ولد بدمشق. وهو شافعي المذهب، أشعرى العقيدة، اشتهر باسم العزّ (أي عزّ الدّين) بن عبد السلام. برز في زمن الحروب الصليبية وعاصر الدول الإسلامية المنشقة عن الخلافة العباسية في آخر عهدها. ولعل أبرز نشاطه هو دعوته القوية لمواجهة الغزو المغولي التتري وشحذه لهمم الحكام ليقودوا الحرب على الغزاة، خصوصا قطز قائد جيوش السلطان عز الدين أيبك.وعلاوة على هذا، اشتهر العزّ بالورع والصرامة في دينه، وبقوة شكيمته، وتحمله الشدائد في سبيل مبادئه العليا. وبقيت صورته كذلك إلى يومنا هذا في الذكرة الجماعية للمسلمين.

محتويات

[أخفِ]
//

[عدل] ومولده ونشأته

هو أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن بن محمد بن مهذّب السُلمي، مغربي الأصل. وُلد العزّ بن عبد السلام في اربد عام 578هـ، وعاش فيها وبرز في الدعوة والفقه، وتوفي سنة 660هـ في مصر. وقد نشأ العزّ بن عبد السلام في دمشق في كنف أسرة متدينة فقيرة مغمورة، وابتدأ العلم في سنّ متأخرة نسبيا.

[عدل] صفاته ومزاياه

وقد كان العزّ بن عبد السلام جليلاً مهابا حسن الصورة، منبسط الأسارير، متواضعاً في مظهره وملبسه، وكان لايتأنق ولا يتكلّف الحشمة ولا يستألف الوقار استألافا، ولم يكن يتقيد بوضع العمامه على رأسه كما كانت عادة العلماء والفقهاء في عصره، وقد يلبس قبعة اللباد (طاقية من الصوف يغلب عليها اللون الداكن أو الأبيض )، وكان يحضر الأماكن العامّة والمجالس الرسمية بها.وقد خالط العزّ كبار دولة بني أيوب التي أنشأها صلاح الدين في الشام ومصر، وكانت دولة قوية، ولكن في آخر عصرها تنافس أمراؤها وتقاتلوا على المُلك، حتى لجأ بعضهم إلى التحالف مع الصليبيين من أجل أن يتفرغ لقتال إخوانه وبني عمومته، فقام العزّ بدور يحمد عليه في بذل الجهد من أجل رأب الصدع والذود على الدولة الإسلامية المتآكلة، مستمدا قوته من مكانته المعنوية ومركزه الدّيني.

[عدل] طلبه للعلم

يروي السبكي عن والده أن العزّ بن عبد السلام كان فقيرا في أول أمره، ولم يشتغل بالعلم إلا على كبر، وأنه قد ابتدأ بقراءة «التنبيه» (وهو كتاب مختصر في الفقه الشافعي للشيرازي، يتدارسه المبتدئون) فحفظه في مدة وجيزة، ثم أقبل بعد ذلك على المزيد من العلم حتى صار أحد أعلم زمانه. فقد قصد العزّ فطاحل العلماء في عصره، وجلس في حلقاتهم، ونهل من علومهم، وتأثر وبأخلاقهم، واستوعب العلوم في مدة تعتبر وجيزة. فقد قال عن نفسه: «ما احتجت في علم من العلوم إلى أن أكمله على الشيخ الذي أقرأ عليه إلا وقال لي الشيخ: قد استغنيت عني، فاشتغل مع نفسك، ولم أقنع بذلك، بل لا أبرح حتى أكمل الكتاب الذي أقرؤه عليه في ذلك العلم». وجمع العزّ في تحصيله بين العلوم الشرعية والعلوم العربية، فقد برز أيضا في اللغة والنحو والبلاغة وعلم الخلاف.

وكان أكثر تحصيله في دمشق نفسها، ولكنه ارتحل أيضا إلى بغداد للازدياد من العلم، إذ كانت في زمانه الرحلة لطلب العلم قاعدة مستقرة، تعتبر منقبة ومفخرة لصاحبها. وقد رحل إلى بغداد عام 597هـ وأقام بها أشهرا، ثم عاد إلى دمشق.

[عدل] في دمشق

حكم دمشق في أيام العزّ بن عبد السلام الملك الصالح إسماعيل من بني أيّوب، فقدّر للعزّ تفوّقه في العلم وولّاه خطابة الجامع الأموي الكبير بدمشق. وبعد فترة قام الملك الصالح بقتال ابن أخيه الصالح نجم الدين أيوب، حاكم مصر آنذاك، لانتزاع السلطه منه، مما أدّى بالصالح إسماعيل إلى موالات الصليبين، فأعطاهم حصن الصفد و الثقيف وسمح لهم بدخول دمشق لاشتراء السلاح والتزوّد بالطعام وغيره. فاستنكر العزّ بن عبد السلام ذلك وصعد المنبر وخطب في الناس خطبة عصماء، فأفتى بحُرمة بيع السلاح للفرنجة، وبحُرمة الصلح معهم، وقال في آخر خطبته «اللهم أبرم أمرا رشدا لهذه الأمة، يعزّ فيه أهل طاعتك، ويذلّ فيه أهل معصيتك»، ثم نزل من المنبر دون الدّعاء للحاكم الصالح إسماعيل (كعادة خطباء الجمعة)، فاعتبِر الملك ذلك عصيانا وشقّا لعصا طاعته، فغضب علي العزّ وسجنه. فلما تأثّر الناس، واضطرب أمرهم، أخرجه الملك من سجنه وأمر بإبعاده عن الخطابة في الجوامع. فترك العزّ الشّام وسافر إلى مصر.

[عدل] في مصر

وصل العزّ بن عبد السلام إلى مصر سنة 639هـ، فرحّب به الملك الصالح نجم الدين وأكرم مثواه، ثم ولاّه الخطابة والقضاء. وكان أول ما لاحظه العزّ بعد توليه القضاء قيام الأمراء المماليك، وهم مملوكون لغيرهم، بالبيع والإشتراء وقبض الأثمان والتزوّج من الحرائر، وهو ما يتعارض في نظره مع الشرع الإسلامي، إذ هم في الأصل عبيد لا يحق لهم ما يحق للأحرار. فامتنع أن يمضي لهم بيعاً أو شراء، فتألّبوا عليه وشكوه إلى الملك الصالح الذي لم تعجبه بدوره فتوى العزّ، فأمره أن يعْدل عن فتواه، فلم يأتمر بأمره، بل طلب من الملك ألا يتدخل في القضاء إذ هو ليس من شأن السلطان، وأدّى به أنكاهره لتدخّل السلطان في القضاء أن قام فجمع أمتعته ووضعها علي حماره ثم قال: «ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها»[1]؟ إشارة منه إلى الآية القرآنية. ويرْوى أنّه تجمّع أهل مصر حوله، واستعدّ العلماء والصلحاء للرحيل معه، فخرج الملك الصالح يترضّاه، وطلب منه أن يعود وينفذ حكم الشرع.[2]). فاقترح العزّ على الأمراء المماليك أن يعقد لهم مجلساً و ينادي عليكم (بالبيع) لبيت مال المسلمين[3]. وعندما نصحه أحد أبنائه بأن لا يتعرّض للأمراء خشية بطشهم، ردّ عليه بقوله: «أأبوك أقلّ من أن يُقتل في سبيل الله؟»

وفي آخر دولة الأيّوبيين تولت الحكم امرأة هي شجرة الدر، في تجربة تعدّ الثّاثة في تاريخ الإسلام (بعد تولي رضية الدين سلطنة دلهي 634-638هـ، وأروى بنت أحمد الصليحي باليمن 492-532هـ)وكان العزّ بن عبد السلام من الذين استنكروا الأمر وعارضوه جهرة، لاعتقاده مخالفة ذلك للشرع، ولم يدم حكم شجرة الدرّ سوى 80 يوما، إذ تنازلت على عرشها للأمير عزّ الين أيبك الذي تزوّجته وبقيت تحكم من خلاله.

وبعد وصول قطز لسدّة الحكم في مصر، وظهور خطر التتار ووصول أخبار فظائعهم، عمل العزّ على تحريض الحاكم واستنفاره لملاقاة التتار الزاحفين. ولما أمر قطز بجمع الأموال من الرّعية للإعداد للحرب، وقف العزّ بن عبد السلام في وجهه، وطالبه ألا يؤخذ شيئا من الناس إلا بعد إفراغ بيت المال، وبعد أن يخرج الأمراء وكبار التجار من أموالهم وذهبهم المقادير التي تتناسب مع غناهم حتى يتساوى الجميع في الأنفاق، فنزل قطز على حكم العزّ بن عبد السلام.

توفي العزّ بن عبد السلام في العاشر من جمادى الأولى سنة ستين وستمائة 660 للهجرة.

[عدل] تراثه

ترك العزّ تراثا علميا ضخما في علوم التفسير والحديث والسيرة والعقيدة والفقه وأصول الفقه، وكتبا في الزهد والتصوف. وخلّف وتلاميذ جهابذة. حارب البدعة، وكانت فتنه الكبرى مع الحشوية والمجسّمة من الحنابلة في أمور العقيدة. لكن أبرز ذكرى تركها للأجيال الّاحقة هو بيعه للأمراء جعلهم «ملكا للشعب». فلقّب ببائع الملوك والأمراء، وبسلطان العلماء. ومن كتبه:

1 - الفوائد في اختصار المقاصد 2 - تفسير العز بن عبد السلام (تفسير القرآن) 3 - قواعد الأحكام في مصالح الأنام 4 - الإمام في بيان أدلة الأحكام

و يمكن تحميل هذه الكتب أربعة من موقع شبكة مشكاة الإسلامية بالضغط هنا [1]

[عدل] كتب عن العز بن عبد السلام

  • د. علي الصلابي، "سلسلة فقهاء النهوض : الشيخ عز الدين بن عبد السلام، سلطان العلماء وبائع الأمراء"، ويمكن تحميله من موقع صيد الفوائد
  • عبد الرحمن الشرقاوي، "أئمة الفقه التسعة"، كتاب اليوم، أخبار اليوم: 1983.
Delicious Digg Facebook Fark MySpace