في القرن الواحد والعشرين

 
كثر العمران
واتسع خيال الإنسان لاختراعات متسارعة
لكن
تراجع بناء الإنسان
وضاق صدر الإنسان ذرعا بأخيه الإنسان

***

في القرن الواحد والعشرين

تراءت المسافات بين النجوم متناهية في القرب
لكن
بدت المسافة بين الجيران لا متناهية في البعد

***

في القرن الواحد والعشرين

غزا الإنسان الفضاء الفاصل بين النجوم
لكن
عجز عن اكتشاف الفضاء الذي بداخله
فشل في معرفة ذاته ومصالحة نفسه التي بين جنيبه

***

في القرن الواحد والعشرين

ضاعفنا ثرواتنا
لكن
اختزلنا قيمنا
صنعنا شعارات لخطاباتنا
لكن
وأدنا مبادئ لذواتنا
أصبحنا نتحدث كثيرا
نحب قليلا...ببخل شديد
ونكره كثيرا...بسخاء فياض

***

في القرن الواحد والعشرين

أصبحت حياتنا بالتكنولوجيا الجديدة أكثر سلاسة
لكن
أكثر بؤسا
كثرت منظمات حقوق الإنسان، حقوق المرأة، حقوق الطفل...
لكن
سُلب جوهر الحقوق حينما انعدم تقدير الواجب وحين مات الإحساس بالمسؤولية

***

في القرن الواحد والعشرين

أصبح العالم قرية صغيرة
حيث"الانفتاح" و "التعدد" الثقافي
حيث عم "حوار" الحضارات
لكن
حيث ساد الإقصاء الإنساني
وحيث انعدم الحوار بين أفراد الأسرة الواحدة

***

في القرن الواحد والعشرين

أصبحت منازلتا فاخرة
لكن
باتت أسرنا محطمة

***

في القرن الواحد والعشرين

أصبح الإنسان يربط علاقات صداقة وتعارف عبر الأنترنت في أبعد بقع العالم
لكن
ما فتئ يقطع صلة الرحم مع أهله وذويه
ويجافي والديه اللذين رعياه رضيعا وطفلا وشابا
وسهرا من أجله أياما وليالي طوال

***

في القرن الواحد والعشرين

قرأنا كتبا كثيرة
في العلوم، في الأدب، في الفكر
طالعنا مقالات لا حصر لها
زرنا مواقع من كل الأصناف
بحثنا
قرأنا وقرأنا وقرأنا
حتى كلت عيوننا من القراءة
إلا
كتابا واحدا
هجرناه...
فمرضت قلوبنا... بكت عيوننا...احتارت عقولنا...تعست أيامنا...

***

في القرن الواحد والعشرين

اختلطت المفاهيم
انقلبت الموازين
عمت المتناقضات
أصبحت الأشياء هلامية
كل هذا وغيره كثير
فقط...
لأن... الإنسان
انهزم أمام نفسه حين رضي بموت كل أبعاده المتسامية و اختزل ذاته المكرمة في مجرد هدف مادي نفعي مُستعبد

***

ترى هل تدب الحياة يوما في الإنسان المتسامي كما أراده خالقه؟؟؟؟

ذاك أمل وجب أن نعيش به ولأجله