أصدقائي و أحبائي في موقع تراترو الكبير
نتابع اليوم الجزء الثاني من ندوة الأستاذ علي منصور كيالي
عن الأخرة بلغة الفيزياء
بعد هذا الدمار على سطح الكرة الأرضية ، تقوم "الثقوب السوداء" في الكون بطي الكون.
المادة السوداء في الكون ليست فراغ ، بل هي مادة لها كثافة ، هذه المادة هي المسؤولة عن طي السماء ، ففي سورة الأنبياء :
{ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَآءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}
إذا ستطوى السماوات بالكامل بيمين الرحمن :
{ وَالأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}
تنتهي الحياة بكل أشكالها ، وسيعود الكون الى العدم ، ولا يبقى إلا الله عز وجل وليس أمامه خراب كوني ليعيد بناؤه :
{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ}
لا يبقى شئ ، سنعود إلى العدم.
أما يوم البعث قتعود الكرة الأرضية فقط الى الساحة ، ولن تكون ذات شكل كروي ، بل ستكون مسطحة. قال الله تعالى :
{وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ}
وقال صلى الله عليه وسلم :
" يحشر الناس على صعيد واحد".
وسيكون سطح الأرض رمل ، قال تعالى :
{و َكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً}
كثبان رملية ، وكثافة الإنسان أخف من كثافة الرمل ، فبِهزّة خفيفة سنطوف على وجه الأرض !
{إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا}{وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا}
ومتى أصبحنا على السطح ، صيحة واحدة ، زجرة واحدة ما لها من فواق ، ما لها من تكرار ! إحيانا النائم لا يستيقظ من الصيحة الاولى . قال تعالى :
{وَمَا يَنظُرُ هَـؤُلآءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ}
ما في داعي نكررها !
السماوات مكسوفة تماما ، لا نجم ولا قمر ولا شمس. ظلام حقيقي مئة في المئة يعم الكون ، وكل إنسان يحمل أوزاره ويمشي في الرمل ، فوضى عارمة تعمّ الأرض.
{وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ}
{يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ}
{يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ}
فوضى عارمة وظلام مطلق
في هذا الموقف بالذات ، وهذه بشرى للجميع :
{يَوْمَ لاَ يُخْزِى اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ}
فقط المؤمنون لديهم نور !
الآية الأخرى :
{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُم}
الملائكة الكرام ترجع المنافقون من كل الجهات.
{قِيلَ ارْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَالْتَمِسُواْ نُوراً}
بعد رجوع المنافقين ، يبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون في الوسط.
ثم تُتَابع الآية بشكل شريط فيديو رائع :
{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَالْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ}
اول خط حماية للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين من أهوال ذلك اليوم.
بعد هذه الفوضى ، قال تعالى :
{وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا}
وليس بنور الشمس
{وَوُضِعَ الْكِتَابُ}
القرآن الكريم يعطينا مشهدا طريفا جدا أثناء توزيع الصحف : أضع يدي الشمال خلفي تماما ، لكي ألغي دورها نهائيا ، وأمد يدي اليمنى فقط كي آخذ كتابي بيميني من الملائكة الكرام ، ولكن هذه الحيلة لا تنطلي على الملائكة الكرام ، وقد جاءت في آيتين إثنتين :
{ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ}
{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ}
فحتى لو وضعت يدي وراء ظهري ، يظهر الكتاب على غفلة في يدي الشمال وأنا أمد يدي اليمين ، إذ لا تلاعب في ذلك الموقف.
فالمومن ، وهذه بشرى من الله سبحانه وتعالى ، يجد كل سيئاته قد محيت ، إقرؤا الآية رقم 2 في سورة محمد – صلى الله عليه وسلم :
{وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ}
محاها للسيئات ، لذلك يقول المؤمنون صراحة بكل قوة وثقة :
{هَآؤُمُ اقْرَؤُاْ كِتَابيَهْ}
كل السيئات مُحيت ،
بعد قراءة الكتب ، ستقف الإنسانية على الإطلاق صفا واحدا أمام المولى عز وجل ، كنوع من التحدي الإلهي ، هل نسينا احد ؟
{وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً}