نظرت إلى الحائط في الغرفة الصغيرة.. كلها مغطاة بلوحات تنتسب إلى مدارس فنية متعددة، وأكثرها صور لحيوانات استوائية. والطبيب لا علاقة له بالحوادث وبالأمراض الاستوائية. وتلفت واندهشت، فتنبه الطبيب وقال لي: حكم القوي على الضعيف. إنها لوحات زوجتي وضعتها على الحائط لكي تحاصرني في كل وقت. لا هدنة ولا سلام ولا أول لها ولا آخر، وهي حرب تشنها الفيروسات من جانب واحد، وعلينا أن نقاوم وننجح، ولكن فيروس زوجتي لم أجد له علاجا حتى الآن!

- وأنت ماذا تفعل؟

- زوجتي لا ترسم ولا تكتب. إنها تقرأ فقط..

- ورأيها فيما تكتب؟

- يعجبها أحيانا وأحيانا كثيرة لا يعجبها. أنا هاجمت المرأة ورأيت أنها حيوان جميل وأنها أخذت أكثر مما تستحق في هذه الحياة، ولكن يكذب الرجل عليها.. لسانها الطويل ودموعها الكاذبة، وأن الله خلق نوعين من جهنم؛ واحدة في الدنيا هي المرأة؛ ففي وقت فراغها تعمل كالزعيم تشرشل الذي تعجب به، فقد كان يفرغ طاقة الغضب في رسم اللوحات الهادئة الجميلة. وهي إنجليزية السلوك مثله ومتعصبة.

سؤال: ولكن ما رأيك أنت؟

قال: أنا قلت لك حكم القوي على الضعيف.. فالرأي رأيها. وأنا في حياتي أحارب نوعين من الفيروسات؛ هذه الموجودة عند المرضى، وزوجتي.. وهي أقدر من الفيروس، لأنها أقوى من الطب الذي ندرسه بحرب لا هوادة فيها.. والثانية جهنم الأصلية. والأحاديث النبوية كلها تحث على الأعمال الحسنة التي تدخلنا الجنة، أما زوجتي فترى كل شيء صغيرا تافها، وأن النار مستقر الرجال، لأن الرجال طغاة أنانيون ظالمون.. وهكذا ترى أنك تنام مع أعدى أعدائك في فراش واحد. وإنني لو كنت عند بدء الخليقة لسألت الله سبحانه وتعالى: ولماذا المرأة؟

والفيلسوف الألماني شوبنهاور هو الذي قال إنه كانت هناك امرأة.. انقرضت، فقفز حيوان آخر في مكانها له كل صفات البشر وصفات الشياطين أيضا. وقال الطبيب وقد رفع رأسه عن الأوراق ليقول لي كيف حالي ومستقبلي: أحسن كثيرا جدا من العام الماضي.. زوجتك ماتت؟

قلت: تدعو لك أو تدعو عليك.

تأكد أنها تدعو عليك، فكلهن خلقن من ماء واحد وطينة واحدة.. ولا تنس أن المرأة لعبتها الرجل وأن الشيطان لعبته المرأة.. أشكرك يا دكتور!

نقلاً عن صحيفة "الشرق الأوسط"