بحث
بحث متقدم

قرأنا في التاريخ الإسلامي عن أناس كانوا على وشك الموت وكلهم عطاشى

، ولم يكن عندهم إلا جرعة من الماء تكفي رجلاً واحداً فلم يرض أي منهم أن يشربها

 وآثر إخوته بها فماتوا جميعاً بعد أن ضربوا في الإيثار مثلاً يندر أن يتكرر في الحياة

 لكنه تكرر في هذه الأيام

أسمع اليوم قصصاً تجري في بعض المناطق والمحافظات

 لا تقل روعة عن القصة التي جرت في التاريخ الإسلامي العظيم

أسمع عن جيران يتقاسمون اليوم رغيف الخبز وحبة الدواء وكأس الماء

وجمرة النار وتنكة المازوت وملعقة الزيت وحبة الزيتون

أسمع عن أناس وحدت بينهم الظروف الصعبة فذابوا ببعضهم حباً وألفةً وتلاحماً وتقارباً

إلى درجة لا تكاد تصدق وهذه هي أخلاقنا وديننا وقيمنا التي أعرفها ويعرفها الجميع

 وهؤلاء هم الأبطال حقاً وصدقاً

لكني مع الأسف أسمع أيضاً عن لصوصية عجيبة غريبة لا يرضى بها الله ولا عباد الله

عن بائع مازوت أراد أن يسرق سرقة مضاعفة

إذ رفع سعر ليتر المازوت إلى 24 ليرة

وعن  عن و عن

أيُّ لص أجبن وأحقر وأقذر من اللص الذي يستغل ظروف البلاد

وبرد العباد ليملأ جيبه مالاً حراماً لا بركة فيه

أي لصٍ أجبن من الذي يشتري جرة الغاز بمئتي ليرةويبيعها للمحتاجين بألف ليرة

لا فرق عندي بين من يفعل هذا وبين من يسرق أكفان الموتى وأسنانهم الذهبية

بل إن من يسرق الأموات أقلُّ سوءاً ممن يسرق الأحياء فالميت لا يحتاج إلى كفنه وأسنانه

 أما الحي فيحتاج إلى الدفء والخبز والملح

الإسلام يقول: من لا يرحَم لا يُرحم.. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء

 ما آمن برسول الله من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم

الاحتكار في الإسلام حرام والربح الفاحش حرام واستغلال حاجات الناس حرام

 ولقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الحلال: أيذهب

 فقال: يذهب. فسئل عن الحرام: أيذهب؟؟ فقال: يذهب وأهله

هذه الظروف القاسية التي تمر بها بلادنا اليوم تمنح أصحاب المهن البسيطة

 فرصة عظيمة ليتحولوا إلى أبطالٍ كبار

هل يحلم بائع المازوت أو الخباز أو سائق صهريج الماء أو صاحب الحانوت الصغير

أن يتحول إلى بطلٍ ومثل صالحٍ يذكره الناس بالخير ويترحموا عليه كلما ذكروه أو رأوا أحداً من ذريته

نعم.. اليوم يستطيع بائع المازوت وسائق الصهريج وصاحب الحانوت والخباز واللحام

أن يكونوا أبطالاً كما يستطيعون أن يكونوا لصوصاً تصب عليهم لعنات اللاعنين إلى يوم الدين

فمن أي الفريقين يحب أحدنا أن يكون

من فريق الأبطال أم من فريق الحرامية

 والجواب بالأفعال لا بالأقوال

Delicious Digg Facebook Fark MySpace