بحث
بحث متقدم
Category: غير شكل

الـــغــــرور

 

 هذا الشعور الدخيل الذي لا يمت لطبيعة الإنسان الجوهرية بصلة مع أنه وثيق الصلة بشخصية الإنسان السطحي وتفكيره الضحل وتبختره الساذج كالطاووس الزاهي الألوان أو كديك الحبش ذي الكبرياء والعنفوان

المغرور يظن نفسه حكيماً عليما سواء على المستوى المنظور أو صنوه المستور, كما يتبادر له أنه طويل الباع وغير محدود القدرات , ولأنه زئبقي يظن أن بمقدوره الإمساك بكل صغيرة وكبيرة وكل ما هو ثابت ومتحرك لأن عقله المخضوض (الباطن والظاهر) دائم الحركة والإندفاع في كل اتجاه كون لا شيء يشبعه أو يروي ظمأه ولذلك فهو مفجوع وبه جوع على الدوام للإمساك بكل ما تصل إليه يده أو يقوده إليه فكره

الغرور هو آفة خطيرة أو سرطان نفسي إذا تغلغل في عقل الإنسان واحتل خلايا دماغه يصبح من العسير بل من المستحيل استئصاله فيسري في خلايا الفكر ويعطب أنسجة التمييز ويقتل في الإنسان المزايا النبيلة ويستبدلها بغرائز دخيلة لا تمت للتكوين السوي بصلة لأنها معدن غريب وامتلاكها أمر معيب


المغرور لا يعترف بقوانين أدبية وأخلاقية لأنه يظن نفسه فوق كل قانون بل وأنه قادر على التشريع على هواه لأنه رب نفسه ولا يخضع لقوانين يعتبرها وضيعة ودون قدره بكثير, وبما أن الحركة المحمومة الدائمة الدائبة سببت له ارتجاجاً في الدماغ فهو لا يرى الأشياء على حقيقتها بل يراها مقلوبة أو مشوهة أو مهتزة فيقتنع بأن ما يراه هو عين الصواب وأن من واجبه تلقين الناس تلك الحقيقة التي اكتشفها بفضل عبقريته وتفرده المنقطع النظير

 

العقلاء طبعاً يأسفون له ويحزنون على وضعه البائس ويتمنون له الشفاء من داء الغرور القتال , لكن هناك البعض ممن يتحلقون حوله ويمشون في ركابه وينظرون من منظوره ويقولون آمين لكل ما يقوله وهؤلاء يستحقون الشفقة لأنهم ضعاف نفوس تخلوا عن أفضل هبات الله لهم وهي : ( العقل والإرادة والتمييز ) وسلموا زمام أمرهم ليد لا تميز بين الشمال واليمين والغث والثمين

Delicious Digg Facebook Fark MySpace