بحث
بحث متقدم
 

 

 حوار مع رمضان!

 


تناولت بفرحة الصائم فطوري المبارك، ودعوت دعوات الإفطار المباركة!؟.
ثم نظرت إلي ضيفي الكريم؛ فوجدته على غير عادته؛ جالساً وحيداً مهموماً!؟.
فأصابتني رعدة الخائف على شعور ونفسية ضيفي!؟.
فسألته: أيها الحبيب ما هذا الذي أراه على وجهك؟!.
أهذا هو رمضان الطيب المبارك حامل الخيرات الباسم دوماً؟!.
ألا تشاركني فرحة الصائم حين يفطر؟!.
ألا ترى احتفاء الجميع بك؟!.
ألا ترى سعادة الصغير والكبير بقدومك؟!.
ألا ترى سرورنا جميعاً بضيافتك؟.
فنظر إليَّ نظرة المشفق على محدثه لجهله بحقيقة الأمور، ثم تنهد تنهيدة حزينة، وكأنها زفرة غاضب، وأطرق بحزن إطراقة طويلة؛ حسبتها دهراً من القلق الذي ملأني!
هموم رمضان!؟
ثم قال: لقد حضرت إليكم على موعدي؛ في زيارتي السنوية لكم أيها الأحباب؛ فوجدت الزينة في كل مكان كما عودتموني!؟.
ورأيت الحفاوة من الجميع كما عودتموني!؟.
 ورأيت مظاهر حسن الضيافة الطيبة كما عودتموني!؟.
فشكر الله لكم على حسن الاستقبال!؟.
ولكن مرت أيام تلو الأيام، وأنا بينكم؛ فاستشعرت وسمعت ورأيت ما أحزنني على نفسي، وعلى مهمتي، وما أهمني على مضيفيّ، وما أقلقني على أحبابي!؟.
فقلت: أيها الضيف الكريم؛ ماذا أقلقك؟!. وما الذي أحزنك؟!.
قال: لقد جئت هذا العام ـ وككل زيارة سنوية ـ وأنا أحمل الآمال الكبار، والأمنيات العظام؛ بأنني سأفعل شيئاً يرضي الحق سبحانه؛ الذي أرسلني إليكم برسالة أعتز بها؛ وجعلني بها مفضلاً عن أقراني من الشهور الأخرى، ويكفي نزول القرآن في، ولا تنس فتح مكة، ولا تنس غزوة بدر، حتى حربكم الأخيرة ضد يهود، والتي يعتز بها الطيبون منكم؛ فيسمونها معركة العاشر مني، و...، و...!؟.
هل غابت عنكم رسالتي!؟
ثم صمت محدثي الكريم برهة؛ ثم نظر إليَّ، ثم وجّه نظره إلى الأفق البعيد؛ ثم أردف؛ وكأنه يحدث نفسه، أو يخاطب شخصاً بعيداً:
لقد كنت أطمع في تحقيق مهمتي وأداء رسالتي؛ التي أعيش من أجلها؛ والتي لولاها ما خلقني سبحانه، وفضلني، وأعدني، وأرسلني إليكم!؟.
ولقد أفهمت أنني قادم إلى خير الأمم!؟.
وأنني سأكون في ضيافة أبناء الأمة المختارة؛ الذين يحملون رسالة عظيمة تتفق مع رسالتي!؟.
فاستشعرت قدراً عظيماً من الأنس!؟.
وهزتني هذه الكلمات العلويات؛ وكأنني أسمعها لأول مرة: "الرَّحْمَنُ. عَلَّمَ الْقُرْآنَ. خَلَقَ الْإِنسَانَ. عَلَّمَهُ الْبَيَانَ. الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ. وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ. وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ. أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ. وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ. وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ. فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ. وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ. فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ!؟". [الرحمن 1-13]
فنحن الخلائق علاقتنا بالخالق؛ هي ببساطة علاقة عبودية؛ علاقة معبود يُعْبَد، وعابد يَعْبُد.
والعلاقة بيننا نحن الخلائق؛ هي علاقة تعايش وتواد، علاقة تظللها موازين العدل والرحمة.
وتنظمها سنن الله عز وجل الإلهية في الأنفس ـ أي عالم البشر ـ والآفاق ـ أي عالم المادة.
لذا غمرني شعور دافق بالألفة!؟.
يا إلهي إني ذاهب لزيارة أهلي وعشيرتي، وإخوتي في الله!؟.
ثم ...
وهنا صمت رمضان الحبيب، ورأيت عيناه تملأها الدموع؛ وواصل حديثه الشجيّ؛ وكأنه لا يريد إظهار ضعفه الرقيق أمامي: لقد كنت أطمع في إحداث تغييراً نفسياً داخلكم؛ فيظهر على سلوكياتكم، ثم يستمر أثره بعد مغادرتي!؟.
أيها الأحباب أنها هدية ربكم إليكم!؟.
أنا فرصة العمر لكم!؟.
أنا سوق سنوي قد أقامه الحق لكم، وسينفض خلال أيام، وسيربح فيه من يربح، وسيخسر فيه من يخسر!؟.
وانظروا لقد عاشرتكم أياماً، ولا أقول سنوات وأنتم كما وجدتكم؛ وإنني أشعر بالذنب من ثقل الأمانة والرسالة التي حملني إياها الكريم سبحانه؛ وهي أن أعينكم على حسن حمل وتنفيذ مهمتكم في هذه الحياة!؟.
ولكنكم لم تحسنوا استغلال هديتي إليكم!؟.
ولم تقبلوا معاونتي لكم!؟.
ولم تقدروا الخير الذي أحمله إليكم؛ بل وللكون والوجود كله!؟.
وسأسألك سؤالي الأول، ولا أريد إجابته الآن، بل اجعله سؤال اليوم، وفكر في إجابته هذه الليلة عندما تقوم في السحر، وحضر إجابته وأنت تستشعر أن ربنا سيناديك لحظتها: "إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ أَوْ ثُلُثَاهُ يَنْزِلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى؟، هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ؟، هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ؟، حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ". [رواه مسلم]
فإذا أحسنت إجابة نداء ربنا الغفور الرحيم القريب الودود؛ فأرجوك حاول لحظتها أن تجيب بفهم عميق، وحسن تدبر عن سؤالي الأول، وانشر السؤال وأجابته بين أهلك وإخوانك:
أحباب رمضان ومستضيفيه الكرام؛ هل غابت عنكم رسالتي؟!.
أم فعلتم بها كما فعلتم برسالة رب العالمين؛ التي اختاركم لها؟!.
لمسات ... وسداسية لا تنساها مع ضيوفك الأعزاء؟!
توقف ضيفي الكريم عند حديثه العذب لحظات؛ فشجعته نظرة شوق مني، مع إيماءة إستحسان من رأسي؛ وذلك حتى يستكمل حديثه الجميل الودود؛ فقال رمضان الحبيب: لقد أدهشني أنني ما دخلت بيتاً، أو قابلت أحداً؛ إلا وحيرني شيء غريب وجدته في معظم أحبابي منكم!؟.
إنها لمسات نفسية بسيطة؛ أو أسئلة سهلة ينساها البعض عندما يستقبل ضيفاً عزيزاً غالياً لا يراه إلا مرة كل عام مثلي، بل وأركز في كلماتي؛ مع أي ضيف!؟.
إنها يا أخي الحبيب هذه الأسئلة أو المفاتيح النفسية الست في فن التعامل مع ضيوفك؛ فلا تنساها، واجعلها دوماً أمامك؛ وهي:
1-ما هي مهمة هذا الضيف القادم إلينا؟. أو ما هو سبب هذه الزيارة؟. أو ما وراء زيارته؟!.
2-ما هي أبرز صفة يتصف بها ضيفي العزيز؟!.
3-ما هو معيار نجاحي في الاستضافة؟!.
4-ما الذي يرضي ضيفي حتى أفعله؟!.
5-ما الذي يغضب ضيفي حتى أتجنبه؟!.
6-ما هي علامات قبول حسن استضافتي؟!. أو ما هي المعايير النفسية والخارجية التي استشعر بها رضى الحق سبحانه عن حسن تعاملي مع ضيفي؟!.
تعرف على أبرز صفات ضيفك ... تسعده!؟
قلت لضيفي: شكر الله لك أيها المعلم والمربي الحبيب؛ فلقد أسعدتني بهذه اللمسات الطيبة، وهذه المفاتيح أو مهارات وفنون التعامل مع ضيوفي الكرام.
واعتقد أنك أجبتنا عن السؤال الأول؛ حيث أوضحت لنا مهمتك ورسالتك إلينا!؟.
وعرفنا منها سبب زيارتكم السنوية إلينا كما جاء في إجابتكم عن السؤال الأول.
ولكنني في شوق لمعرفة إجابة السؤال الثاني في كيفية التعامل مع مقامكم الجليل.
لأنني إذا عرفت أبرز صفاتك؛ أمكنني أن أفهم شخصيتك وطريقتك.
وحتى أحاول حسن استقبالك، وحسن ضيافتك، وحسن التعامل والتعايش معك.
ابتسم ضيفي ورأيت علامات إنشراح صدره في نبرة صوته؛ وذلك عندما استرسل؛ قائلاً بود: تماماً كما فهمت أيها الحبيب، فإن الخطوة الثانية في فن التعامل مع ضيفك؛ هو أن تركز على أبرز صفاته وسماته وخصائصه التي يعرف بها!؟.
ويمكنك قبل مجيئه أن تكتشف هذه الصفة الرئيسة؛ وذلك عن طريق السؤال عنه؛ خاصة أقرب الناس إليه، أو من أحب أصدقائه إلى نفسه، أو من أشخاص زارهم قبلك؛ ونجحت زيارته إليهم، أو تستطيع أن تقرأ عنه، أو تبحث في أوثق المصادر وأصدقها!.
ثم صمت برهة، وأطرق في الأرض، ثم نظر إليَّ؛ وقال بعتاب مرير: ترى كم واحد منكم قرأ عني؟!.
ترى كم واحد منكم كلف نفسه بالبحث عن أبرز صفاتي؟!.
ترى كم واحد منكم سأل عني أحب الناس إليَّ؟!.
ترى كم واحد منكم عرف هذه الصفة واكتشفها قبل زيارتي؟!.
يا أخي الحبيب لا أريد أن أشق عليكم؛ كان يلزمكم مجرد لحظات قبل مجيئي؛ يجلس فيها الفرد منكم ليفكر مع نفسه، ويسألها ماذا أعرف عن السمة البارزة في شخصية ضيفي القادم، ويُعْرف بها بين الناس؟!.
والمشكلة أيها الحبيب أنني دقيق في زيارتي وفي مواعيدي ولا آتيكم فجأة؛ بل تعرفون موعدي كل عام باليوم؛ بل وبالثانية!؟؟؟.
أليس هذا في عرف الضيافة؛ يعتبرونه إنشغال، أو على الأقل من باب تهوين شأن الضيف؟!.
تدلت رأسي أمامي، ونظرت إلى الأرض من فرط خجلي من نفسي، ومن صراحة ضيفي الكريم، وتمتمتُ بكلماتٍ خجولة، تقطر معها جبهتي عرقاً، وعيناي لا أستطيع رفعهما من الأرض: ضيفي الحبيب لقد قصرنا جميعاً معكم، وتناسينا هذه اللفتة المهمة عند ضيافتكم؛ فهلا وضحتم الإجابة فيما تقصده، ولن أقاطعكم؛ حتى لا نعالج خطأنا بخطأِ أكبر؟!.
فقال بحنان ورقة: لقد أكبرتُ فيك قبول النصيحة، وعدم غضبك لعتابي وصراحتي!؟.
ولكنه أيها الحبيب الحب الذي أكنه لكم، والخوف عليكم من فوات الفرصة تلو الفرصة!؟.
وركز معي أيها الحبيب؛ لقد وصفني الله عز وجل بكلمات واضحات: "شهرُ رَمَضانَ الذي أُنزِلَ فيهِ القرآنُ هدىً للناسِ وبيَّناتٍ من الهدى والفرقانِ". [البقرة 185] 
ألم تسأل نفسك؛ لِمَ كان انعقاد هذا المجلس القدسي الملائكي القرآني الرمضاني؛ حيث كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يداوم على مدارسة القرآن الكريم مع جبريل عليه السلام في رمضان؟!.
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: ثم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في شهر رمضان إن جبريل عليه السلام كان يلقاه في كل سنة في رمضان حتى ينسلخ فيعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن فإذا لقيه جبريل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة". [مسلم ـ جزء 4 ـ صفحة 1803 ـ رقم 2308]
فتدبر هذا الاجتماع الرباني؛ الذي يضم الحبيب صلى الله عليه وسلم مع جبريل عليه السلام، مع القرآن الكريم مع رمضان!؟.
فهل فهمنا هذه الرسالة التربوية العظيمة؛ وهي تدبر معنى اقتران القرآن بشهر رمضان؟!.
فلا يجب أن ينشغل الصائم عن القرآن الكريم تلاوة ومدارسة وتدبر!؟.
إنه القرآن!؟. وأنا شهر القرآن!؟. فزيارتي هي عملية تجديد وتوثيق للعهد، وتذكرة بهذا الاقتران!؟.  
تلك سمتي البارزة!؟. وهي صفتي التي تميزني عن أقراني من شهور السنة!؟. وهو الوسام الذي يزين صدري، وأزهو به أمام الكون كله، والوجود كله إنسه وجنه!؟.
ما هو معيار نجاح زيارة رمضان؟!
هزتني هذه الصراحة الودودة، وأدهشني هذا التوضيح الراقي من ضيفي الحبيب رمضان لمهمته  ورسالته إلينا!؟.
ثم أخجلني توضيحه لأبرز صفة من صفاته الكريمة والتي لا تحصى!؟.
ثم هتفت به: أيها الحبيب، أنت لست ضيفاً؛ بل اعتبر نفسك صاحب البيت، وجزيت خيراً على الغيرة على مهمتكم الربانية، والتصميم والجدية على تحقيقها فينا!؟.
ونحن نتمنى من قلوبنا وجودكم معنا طوال العام، فأنت لا تدرى مقدار هذه الشحنة الروحية والتربوية التي تنشرها في أجواء بيوتنا وفي أنفسنا!؟.
ولكنني مصمم على أن أنصت أكثر لحديثكم، وفي غاية الشوق لسماع باقي أسباب همومكم؛ التي قد تؤثر على مهمتكم؛ وبالتالي تؤثر علينا!؟.
فهل تقبل هذه الدعوة أيها الحبيب؟!.
وإن شئت أن تجعلها على عدة حلقات، وفي جلسات متعددة؛ وذلك حتى نلم بها كلها!؟.
اقترب مني ضيفي أكثر، وأحسست بدفء يديه وهما تربتان على كتفي؛ ثم قال: أنا سعيد بتقبلك للنصيحة، وإليك هذه الهدية التي قد تقيس بها مدى استفادتك من زيارتي، ولتكن معياراً تعرف به درجة نجاحي في مهمتي معكم، ونجاحكم أيضاً في حسن ضيافتي وصحبتي!؟.
وقد أحببت أن أدلك عليه من الآن؛ وذلك حتى تبدأ في تجهيز نفسك للإجابة عليه كل يوم وكل ليلة؛ حتى لا تفاجأ به بعد مغادرتي؛ فتضيع عليك الفرصة لمدة عام كامل!؟.
فتدبر مغزى أن تفكر في سؤالي الثالث: ماذا اكتسبت من سلوكيات طيبة من ضيفي الكريم؛ والتي ترضيه سبحانه؛ ثم تسر ضيفي، وتسعدني في الدنيا والآخرة؟!.
أو فكر فيه بطريقة أخرى: ما هو التغيير الإيجابي الأخلاقي والسلوكي الذي تعلمته من رمضان هذا العام، وسأظل على عهدي به حتى ألقاه؟!.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

 

  .
الحديث السادس ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً .......... )
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه .
غريب الحديث :
إيماناً : المراد بالإيمان: الاعتقاد بأن قيام رمضان سنة مؤكدة .
احتساباً : الاحتساب هو طلب الأجر ورجاء الثواب من الله تعالى.
اضاءات الحديث :
1.   قوله صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان) صيغة من صيغ العموم، فيعم كل من قام رمضان رجلاً أو امرأة.
2.قال الإمامالنووي:معنى إيماناً: تصديقاً بأنه حق مقتصد فضيلته، ومعنىاحتساباً، أنه يريد الله تعالى لا يقصد رؤية الناس ولا غير ذلك مما يخالفالإخلاص .
3.قوله: (غفر له ما تقدم من ذنبه) هذا هو جواب الشرط؛ فمن قام رمضان على الوجه المطلوب شرعاً مؤمناً بالله وبما فرضه الله عليه ومنه عبادة القيام، ومحتسباً للثواب والأجر من الله، فإن المرجو من الله أن يغفر له ما تقدم من ذنوبه.
4.ذكر في الحديث أن القيام يكفر الله به ما تقدم من الذنوب، فهل المقصود بتكفير الذنوب أنه يكفر الذنوب جميعاً صغائر وكبائر، أما الصغائر فقط؟، وكذلك بقية النصوص التي فيها الإشارة إلى مغفرة ما تقدم من الذنوب..
المعلوم من كلام أهل العلم: أنه لا تُكفَّر سوى الصغائر. وأما الكبائر فلابد لها من التوبة، وحكى ابن عبد البر في كتابه: "التمهيد" إجماع المسلمين على ذلك، واستدل عليه بأحاديث منها ماجاء في الصحيحين من  قوله صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان؛ مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر) 
5.ثبت في الصحيح عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي , صلى الله عليه وسلم , صلى فيالمسجد - من جوف الليل - فصلى بصلاته ناس من أصحابه ثلاث ليال . فلما كانت الليلةالرابعة عجز المسجد عن أهله - أي امتلأ من الناس - فلم يخرج إليهم رسول الله صلىالله عليه وسلم فلما أصبح قال قد رأيت الذي صنعتم ولم يمنعني من الخروج إليكم إلاأني خشيت أن تفرض عليكم وذلك في رمضان .
وفي هذا الحديث شفقة النبي , صلىالله عليه وسلم , على أمته . وفيه حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على السنة , ورغبتهم في قيام الليل .
في السنن بسند صحيح  عن أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي , صلى الله عليه وسلم , أنهقال : (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) فينبغي الحرص عليها , والاعتناء بها , رغبة في الخير وطلبا للأجر , فيصلي المرء مع الإمام حتى ينصرف , ليحصل له أجر قيام ليلة .
        

 

عالج السموم المتراكمة والتلوث بالصيام
إن الدواء لكثير من الأمراض موجود في داخل كل منا، فجميع الأطباء يؤكدون اليوم أن الصوم ضرورة حيوية لكل إنسان حتى ولو كان يبدو صحيح الجسم، فالسموم التي تتراكم خلال حياة الإنسان لا يمكن إزالتها إلا بالصيام والامتناع عن الطعام والشراب. يدخل إلى جسم كل واحد منا في فترة حياته من الماء الذي يشربه فقط أكثر من مئتي كيلو غرام من المعادن والمواد السامة!! وكل واحد منا يستهلك في الهواء الذي يستنشقه عدة كيلوغرامات من المواد السامة والملوثة مثل أكاسيد الكربون والرصاص والكبريت.
فتأمل معي كم يستهلك الإنسان من معادن لا يستطيع الجسم أن يمتصها أو يستفيد منها، بل هي عبء ثقيل تجعل الإنسان يحسّ بالوهن والضعف وحتى الاضطراب في التفكير، بمعنى آخر هذه السموم تنعكس سلباً على جسده ونفسه، وقد تكون هي السبب الخفي الذي لا يراه الطبيب لكثير من الأمراض المزمنة، ولكن ما هو الحل؟
 
يقول الأطباء المعالجون بالصوم: إن الحل الأمثل لاستئصال المواد المتراكمة الملوثة في خلايا الجسم هو استخدام سلاح الصوم الذي يقوم بصيانة وتنظيف هذه الخلايا بشكل فعال، وإن أفضل أنواع الصوم ما كان منتظماً. ونحن عندما نصوم لله شهراً في كل عام إنما نتبع نظاماً ميكانيكياً جيداً لتصريف مختلف أنواع السموم من أجسادنا.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

يجتهد الناس في ليلة القدر في الصلاة وقراءة القرآن وهناك أمر يغفلون عنه، ألا وهو الصدقة في هذه الليلة العظيمة.. فالصلاة فيها خير من صلاة ألف شهر أي ثلاثون ألف صلاة فيما نرجو الله وكذلك جميع الأعمال كما قال تعالى: "لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ".. فمن تصدق بدرهم في ليلة القدر كأنه تصدق بثلاثين ألف درهم فيما نرجو الله.. فينبغي للذي يتحرّى ليلة القدر في ليالي الوتر من رمضان أن يتصدق ولو بدرهم واحد في كل ليلة من هذه الليالي أي ليلة 21 وليلة 23 وليلة 25 وليلة 27 وليلة 29 من رمضان كما قال صلى الله عليه وسلم: "تَحَرُّوا ليلة القدر فى الوتر من العشر الأواخر من رمضان"* فإن تصدق في جميع هذه الليالي واجتهد في العبادة ضمن أجر ليلة القدر إن شاء الله.

 

رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مع عائشة -رضي الله عنها- في رحلة الحج -

       كان - عليه الصلاة والسلام- يُشرك أهله في شؤونه ، ومن ذلك إشغالهم بالنسك ومقدماته تشويقاً لهم إليه، كما في حديث عائشة - رضي الله عنها- أنها قالت: ( فَتَلْتُ لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم- تعني القلائد – قبل أن يُحرم ) (1).

      بل ويستعين بهم في خاصة نفسه كما في قول عائشة - رضي الله عنها-: (كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لإحرامه حين يُحرم، ولِحله قبل أن يطوف بالبيت ) (2).
      ولا يخفى ما في مشاركة الزوجين لبعضهما في الشؤون الخاصة،  أو المشتركة من التآلف والتواصل، وإدخال السرور والحبور إلى قلبيهما.
وعن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها-: ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج حتى جئنا سرف فطمثت ، فدخل علي رسول الله وأنا أبكي ، فقال : ما يبكيك؟ فقلت: والله لوددت أني لم أكن خرجت العام. قال: مالك ؟ لعلك نفست . قلت: نعم، قال: هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري – إلى أن قالت – قلت: يا رسول الله، يرجع الناس بحجة وعمرة وأرجع بحجة ! قالت : فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني على جمله . قالت : فإني لأذكر وأنا جارية حديثة السن أنعس فيصيب وجهي مؤخرة الرحل ، حتى جئنا إلى التنعيم ، فأهللت منها بعمرة جزاء بعمرة الناس التي اعتمروا ) (3).
       فتأمل كيف واساها النبي - صلى الله عليه وسلم- ، وأرشدها إلى ما ينبغي لها فعله ، ثم لما قضت حجها لم تهنأ نفسها بأن يعود الناس بحج وعمرة وتعود هي بحج فقط، طيَّب نفسها وسمح لها بالعمرة -مع أن حجها يكفيها عن عمرتها- بل وهيّأ لها ذلك بأن أمر أخاه بالخروج بها إلى التنعيم والاعتمار بها ، حتى قال جابر - رضي الله عنه- بعد أن ساق القصة ( وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رجلاً سهلاً ، إذا هَوِيَت الشيء تابعها عليه ، فأرسلها مع عبد الرحمن بن أبي بكر فأهلّت بعمرة من التنعيم ) (4).
        عن أم سلمة - رضي الله عنها- قالت ( شكوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أني أشتكي ، فقال : طوفي من وراء الناس وأنت راكبة، فطفت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- يصلي إلى جنب البيت وهو يقرأ بالطور وكتاب مسطور) (5).
       عن عائشة - رضي الله عنها- قالت:  نزلنا المزدلفة ، فاستأذنت النبي - صلى الله عليه وسلم- سودة أن تدفع قبل حَطْمة الناس –وكانت امرأة بطيئة – فأذن لها ، فدفعت قبل حطمة الناس ، وأقمنا حتى أصبحنا نحن ، ثم دفعنا بدفعه ، فلأن أكون استأذنت رسول الله - صلى لله عليه وسلم- كما استأذنت سودة أحب إلي من مَفروح به ) (6).
         قال النووي -رحمه الله- معلقاً على قول جابر - رضي الله عنه- : [ أي سهل الخلق كريم الشمائل ، لطيفاً ميسراً في الخلق كما قال الله تعالى: ( وإنك لعلى خلق عظيم )، وفيه حسن معاشرة الأزواج، قال الله تعالى: ( وعاشروهن بالمعروف ) لا سيما فيما كان من باب الطاعة ] (7).
 
فتـــأمل هذا الحلم والصبر والسهولة ، ثم ائتسي به فلا خير في علم لا ينفع صاحبه .

 

الحديث الخامس ( عمرة في رمضان ........ )
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة من الأنصار يُقال لها أم سنان : ( عمرة في رمضان تقضي حجة أو حجة معي ) رواه البخاري و مسلم .
غريب الحديث :
تقضي : أي تعدل .
اضاءات الحديث :
1.للحديث قصة جاءت في صحيح البخاري وغيره : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار (ما منعك أن تحجي معنا). قالت : كان لنا  ناضح فركبه أبو فلان وابنه ، لزوجها وابنها ، وترك ناضحا ننضح عليه ، قال : (فإذا كان رمضان اعتمري فيه ، فإن عمرة في رمضان حجة) . أو نحوا مما قال .
2.   قال ابن الجوزي : فيه أن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت كما يزيد بحضور القلب وبخلوص القصد .
3.قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : لم يعتمرالنبي صلى الله عليه وسلم إلا في أشهر الحج كما تقدم , وقد ثبت فضل العمرة في رمضان بحديث الباب , فأيهما أفضل ؟ الذي يظهر أن العمرة في رمضان لغير النبي صلى الله عليه وسلم أفضل , وأما في حقه فما صنعه هو أفضل , لأن فعله لبيان جواز ما كان أهل الجاهلية يمنعونه , فأراد الردعليهم . بالقول والفعل , وهو لو كان مكروها لغيره لكان في حقه أفضل , والله أعلم .
4.   قال العلماء : العمرة  في رمضان تعدل الحجة في الثواب لا أنها تقوم مقامها في إسقاط الفرض

     
 
الجوهره الأولى ..!


الصدقه ..!

.. " خير الأعمال أدومه و إن قل  " ..
فلا تستهن بالصدقه ما دمت عليه مداومــاً ..!
.." صدقة السر تطفئ غضب الرب ".. صحيح ..!
كثيرهـ هي الجواهر في حياتنــا التي نجهلهــا أو نتجاهلهـــا ..!
هي أثمن من جواهر الدنيـــا ..!
و أسهلهــــا نيلاً ..!
و أعظمهـــا نفعاً ..!


الجوهره الثانيه ..!

الاستغفار ..!

كم مره في اليوم نستغفر الله فيهـــا ؟؟!
10 ؟؟ 20 ؟؟ أم اقل أم أكثر ؟؟!
كثير منـــا يجهل ثمرات الاسغفار ..!
فوالله جعل الاسغفار ملجــأ لكل ضائقه بالمرء ..!
قال ابن تيميه - رحمه الله - :
إن المسألة لتغلق علي فأستغفر الله ألف مررة أو أكثر أو أقل فيفتحها الله علـــي "
فالاستغفار يفتح الأقفـــال ..!
فلنملأ أوقاتنـــا و دقائق عمرنـــا بالاستغفار ..!
فما أسهله من عمل و ما أعظمه من أجر ..!.


الجوهره الثالثه ..!

قراءة القرآن ..!

هذا الكتاب الذي فيه عزنـــا ,,
فلنعطه من وقتنــــا ليمنحنـــا الشفاعه يوم القيامه ..!
ورد بسيط نقرأهـ فيـ 5 دقائق يبعدنــا عن النار بإذن الله


الجوهره الرابعه ..!

ركعتيـن فـي جوف الليل ..!

و هذهـ التي يغفل عنهــا الكثير مع قدرتهم عليهـــا ..!
ركعتــان لا غير ..!
ركعتــان تذكر فيــها الله و الناس في لهو ..!
ركعتــان تستحضر فيهــا قلبك ..!
هذهـ الركعتــان لن تأخذا من وقتك 5 دقائق ..!
و نحن في أيام الصيفـ نجلس الساعات الطوال
امام شاشة الجهاز و خاصه في الليل..!
اقطع من هذا الوقت 5 دقائق و أدِ إلى الله ركعتين تقربك منه


الجوهره الخامسه ..!

مصادقة الفجر
،،

هذا الوقت العظيم الذي يغفل عنه الناس ..!
قلما نجد من يجاهد نفسه على الاستيقاظ بعد صلاة الفجر يذكر الله ..!
أقلهـــا أن يقرأ أذكار الصبـــاح حتى طلوع الشمس
و يختم بركعتي الضحى ؟؟!.. فياله من أجر عظيم نكسبه في هذا الوقت

 
                 

 
 


 

.

اكسب مزيداً من الطاقة بالصيام

يؤكد الباحثون اليوم أن مستوى الطاقة عند الصائم يرتفع للحدود القصوى!!! فعندما تصوم أخي المؤمن فإن تغيرات كثيرة تحصل داخل جسدك من دون أن تشعر، فهنالك قيود كثيرة تُفرض على الشياطين، فلا تقدر على الوسوسة والتأثير عليك كما في الأيام العادية، وهذا ما يرفع من مستوى الطاقة لديك لأنك قد تخلصت من مصدر للتوتر وتبديد الطاقة الفعالة سببه الشيطان.

 

إن أكثر من عُشر طاقة الجسم تُستهلك في عمليات مضغ وهضم الأطعمة والأشربة التي نتناولها، وهذه الكمية من الطاقة تزداد مع زيادة الكميات المستهلكة من الطعام والشراب، في حالة الصيام سيتم توفير هذه الطاقة طبعاً ويشعر الإنسان بالارتياح والرشاقة. وسيتم استخدام هذه الطاقة في عمليات إزالة السموم من الجسم وتطهيره من الفضلات السامة.

إن للجسم مستويات محددة من الطاقة بشكل دائم، فعندما توفر جزءاً كبيراً من الطاقة بسبب الصيام والامتناع عن الطعام والشراب، وتوفر قسماً آخر بسبب النقاء والخشوع الذي يخيم عليك بسبب هذا الشهر الفضيل، وتوفر طاقة كبيرة بسبب الاستقرار الكبير بسبب التأثير النفسي للصيام، فإن هذا يعني أن الطاقة الفعالة لديك ستكون في قمتها أثناء الصيام، وتستطيع أن تحفظ القرآن مثلاً بسهولة أكبر، أو تستطيع أن تترك عادة سيئة مثلاً لأن الطاقة المتوافرة لديك تؤمن لك الإرادة الكافية لذلك.

هناك دراسات كثيرة تؤكد أن الصوم يعالج الأمراض المزمنة، والمرض المزمن هو الذي لم ينفع معه أي دواء فيبقى مدة طويلة من الزمن... الآن هذه فرصة ذهبية لعلاج هذا المرض مهما كان. فأمراض الكبد والكلى والقولون... وغير ذلك من الأمراض المستعصية، وجد العلماء علاجاً ناجعاً لها، إنه الصوم!

وعندما تدرك أخي المؤمن أهمية الصيام في علاج مثل هذه الأمراض، فإنك بلا شك تصبح أكثر اشتياقاً لهذا الشهر بل وتشعر بالسعادة والفرح والسرور أثناء ممارستك للصيام، لأنك ستجني فوائد عديدة.

الأثر الشفائي للصوم

قام العلماء بدراسة الأثر الشفائي للصوم وخرجوا بنتائج يقينية وهي أن الصوم هو أفضل وسيلة لمعالجة السموم المتراكمة في الخلايا! فالصوم له تأثيرات مدهشة، فهو يعمل على صيانة خلايا الجسم، ويعتبر الصيام أنجع وسيلة للقضاء على مختلف الأمراض والفيروسات والبكتريا، وربما نعجب إذا علمنا أن في دول الغرب مراكز متخصصة تعالج بالصيام فقط!! وتجد في هذه المراكز كثير من الحالات التي استعصت على الطب الحديث، ولكن بمجرد أن مارست الصيام تم الشفاء خلال زمن قياسي! ولذلك أمرنا الله بالصيام فقال: (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة: 184]

حج النبي - صلى الله عليه وسلم- بنسائه 

 
      كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كما أخبر ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي )، وظهر ذلك جلياً في دعوتهم إلى الإسلام وحرصه - صلى الله عليه وسلم- على هدايتهم وتعليمهم أمور دينهم .
      ومن ذلك خروجه - صلى الله عليه وسلم- في السنة العاشرة من الهجرة النبوية للحج مع كثير من أهله وقرابته، وأخص منهم زوجاته وبناته ، حرصاً منه - عليه الصلاة والسلام-  على استكمالهم أركان الإسلام بأداء فريضة الحج ، مع ما يستدعي ذلك من قوة تحمل وصبر على مؤونتهن ، وقد كان منهن من كبُرت سنها وثقلت كسودة ، ومنهن المريضة إذ ذاك كأم سلمة ، ومنهن الصغيرات اللاتي قد يحضن ويؤخرنه عن الرجوع كعائشة، وصفية - رضي الله عنهن أجمعين- أضف إلى ذلك ضعف النساء عموماً ، وما يحتجنه من رعاية وحفظ.
[ فما رئي صبر كصبره ، ولا مَن هو أكثر احتمالاً لأهله منه ؛ إذ وجَّه وأرشد ، ورحم ورفق ، وأحسن وأنفق ، وراعى وواسى ، وفاكه ولاطف ، وصان الحقوق ، وشجع على الخير ، ودبّر شأنهم أحسن تدبير ، وقام بالأمر خير قيام ، كل ذلك بنفس منبسطة ، وصدر منشرح ، ودون أن يُسمع منه - صلى الله عليه وسلم- لفظ نابٍ ، أو يصدر منه منة ](1).
       وإليكم صور مضيئة من تلك الرحلة العظيمة رحلة حجة الوداع ، نستقي منها الدروس النافعة للبيوت السعيدة .
       من ذلك تعليمهم أحكام الحج كقوله - عليه الصلاة والسلام- في حديث أم سلمة - رضي الله عنها- أنها قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم-يقول ( أهلوا يا آل محمد بعمرة في حج )(2)،وسيأتي مزيد بيان لذلك .
        ومنه ذبح الهدي عن زوجاته من غير أمرهن، فعن عائشة - رضي الله عنها- قالت : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لخمس بقين من ذي القعدة لا نُرى إلا الحج ، فلما دنونا من مكة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مَن لم يكن معه هدي إذ طاف وسعى بين الصفا والمروة أن يحل ، قالت : فدُخل علينا يوم النحر بلحم بقر ، فقلت : ما هذا ؟ قال : نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن أزواجه )(3).
       فتأمل الحديث وقارنه بقول القائل لا تحج المرأة إلا من نفقتها، كما أن في حج النبي - صلى الله عليه وسلم- بنسائه وحرصه على إتمام نسكهن وأدائهن ما أوجب الله تعالى عليهن أسوة حسنة لمن كان يرجو الله والدار الآخرة.
                    

 

الحديث الرابع (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس......)

عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن ، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة " . رواه البخاري .

غريب الحديث :

أجود الناس : أكثر الناس جودا , والجود الكرم , وهو من الصفات المحمودة .

الريح المرسلة : المعنى : المطلقة يعني أنه في الإسراع بالجود أسرع من الريح  أن الريح المرسلة التي أمرها الله وأرسلها فهي عاصفة سريعة، ومع ذلك فالرسول عليه الصلاة والسلام أسرع بالخير في رمضان من هذه الريح المرسلة.

اضاءات الحديث :

1.   الجود في الشرع إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي , وهو أعم من الصدقة .

2.   ‏قيل الحكمة فيه أن مدارسة القرآن تجدد له العهد بمزيد غنى النفس , والغنى سبب الجود .

3. وعبر بالمرسلة إشارة إلى دوام هبوبها بالرحمة , وإلى عموم النفع بجوده كما تعم الريح المرسلة جميع ما تهب عليه ، كما أن الريح المرسلة التي أمرها الله وأرسلها فهي عاصفة سريعة، ومع ذلك فالرسول عليه الصلاة والسلام أسرع بالخير في رمضان من هذه الريح المرسلة ،

4.   الحث على الجود في كل وقت وخاصة في هذا الشهر المبارك شهر رمضان .

5. ومن الفوائد التي استنبطها الإمام النووي رحمه الله : زيارة الصلحاء وأهل الخير , وتكرار ذلك إذا كان المزور لا يكرهه .

6. استحباب الإكثار من قراءة القرآن  في رمضان وكونها أفضل من سائر الأذكار , إذ لو كان الذكر أفضل أو مساويا لفعلاه .

ومن الفوائد التي استنبطها الحافظ ابن حجر رحمه الله : وفيه إشارة إلى أن ابتداء نزول القرآن كان في شهر رمضان ; لأن نزوله إلى السماء الدنيا جملة واحدة كان في رمضان كما ثبت من حديث ابن عباس , فكان جبريل يتعاهده في كل سنة فيعارضه بما نزل عليه من رمضان إلى رمضان , فلما كان العام الذي توفي فيه عارضه به مرتين كما ثبت في الصحيح عن فاطمة رضي الله عنها ، ولهذا أورد هذا الحديث الإمام البخاري في كتاب بدء الوحي .

الحديث الثالث ( إذا جاء رمضان فُتّحت أبواب الجنة ..........)

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا جاء رمضان فُتّحت أبواب الجنة ، وغُلّقت أبواب النار ، وصُفّدت الشياطين ) رواه  مسلم

غريب الحديث :

غلقت :أغلقت

صفدت : أي شدت بالأصفاد وهي الأغلال وهو بمعنى سلسلت .

اضاءات الحديث :

1.   قَالَ الْقُرْطُبِيّ : فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ نَرَى الشُّرُورَ وَالْمَعَاصِيَ وَاقِعَةً فِي رَمَضَان كَثِيرًا فَلَوْ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ ؟

فَالْجَوَابُ : أَنَّهَا إِنَّمَا تَقِلُّ عَنْ الصَّائِمِينَ الصَّوْم الَّذِي حُوفِظَ عَلَى شُرُوطِهِ وَرُوعِيَتْ آدَابُهُ .

أَوْ الْمُصَفَّد بَعْض الشَّيَاطِينِ وَهُمْ الْمَرَدَةُ لَا كُلُّهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ .

أَوْ الْمَقْصُودِ تَقْلِيل الشُّرُورِ فِيهِ وَهَذَا أَمْر مَحْسُوس فَإِنَّ وُقُوع ذَلِكَ فِيهِ أَقَلّ مِنْ غَيْرِهِ , إِذْ لا يَلْزَمُ مِنْ تَصْفِيد جَمِيعهمْ أَنْ لا يَقَعُ شَرّ وَلا مَعْصِيَة لأَنَّ لِذَلِكَ أَسْبَابًا غَيْر الشَّيَاطِينِ كَالنُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ وَالْعَادَات الْقَبِيحَة وَالشَّيَاطِينِ الإِنْسِيَّة

2.   وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن قول النبي صلى الله عليه وسلم ( وصفدت الشياطين ) ومع ذلك نرى أناسا يصرعون في نهار رمضان ، فكيف تصفد الشياطين وبعض الناس يصرعون ؟

فأجاب بقوله : " في بعض روايات الحديث : ( تصفد فيه مردة الشياطين ) أو ( تغل ) وهي عند النسائي ، ومثل هذا الحديث من الأمور الغيبية التي موقفنا منها التسليم والتصديق ، وأن لا نتكلم فيما وراء ذلك ، فإن هذا أسلم لدين المرء وأحسن عاقبة ، ولهذا لما قال عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل لأبيه : إن الإنسان يصرع في رمضان . قال الإمام : هكذا الحديث ولا تكلم في هذا .

ثم إن الظاهر تصفيدهم عن إغواء الناس ، بدليل كثرة الخير والإنابة إلى الله تعالى

هل لديك وزن زائد... الفرصة أمامك

هكذا يؤكد جميع أطباء الدنيا، فالامتناع عن الطعام هو أسهل وأرخص وسيلة لعلاج البدانة، وهذا ما يحققه لك الصيام. ولذلك فإن الله تعالى منحك هدية لا يعرف قيمتها إلا من أدرك فوائدها، إنها شهر رمضان، فهذا الشهر فرصة لضبط إيقاع جسدك والقضاء على كمية الدهون الفائضة وإعطاء فرصة لتنظيم عمل الهرمونات وخلايا الدم لتقوم بعملها في إعادة تنظيم عمل أنظمة الجسم، وعلاج الوزن الزائد.

حالما يبدأ الإنسان بالصيام تبدأ الخلايا الضعيفة والمريضة أو المتضررة في الجسم لتكون غذاءً لهذا الجسم حسب قاعدة: الأضعف سيكون غذاءً للأقوى، وسوف يمارس الجسم عملية الهضم الآلي للمواد المخزنة على شكل شحوم ضارة، وسوف يبدأ "بانتهام" النفايات السامة والأنسجة المتضررة ويزيل هذه السموم. ويؤكد الباحثون أن هذه العملية تكون في أعلى مستوياتها في حالة الصيام الكامل، أي الصيام عن الطعام والشراب، وبكلمة أخرى الصيام الإسلامي، فتأمل عظمة الصيام الذي فرضه الله علينا والفائدة التي يقدمها لنا.

 

هنالك أكثر من 60% من الشعب الأمريكي زائد الوزن عن الحدود الطبيعية! وهؤلاء كلّفوا الدولة 117 بليون دولار في سنة واحدة عام 2002. بالإضافة إلى 300 ألف وفاة سنوياً بسبب مشاكل الوزن الزائد الذي يكون بدوره سبباً رئيسياً في مرض السكر وأمراض القلب والتهاب المفاصل ومشاكل في الجهاز التنفسي والاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب، وجميع هذه الأمراض الخطيرة ترتبط بالبدانة بشكل مباشر.

وليس غريباً أن يكون الصيام سلاحاً ناجعاً ضد السمنة وما ينتج عنها من أمراض، ولو أنهم طبقوا القواعد الإسلامية في الصوم، فكم سيوفّروا من المال والمرض والمعاناة؟

الحديث الثاني (غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ........)

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :  غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لست عشرة مضت من رمضان ، فمنا من صام ومنا من أفطر ، فلم يعب الصائم على المفطر ، ولا المفطر على الصائم . متفق عليه .

 

اضاءات الحديث :

1. الغزو في الصيام مظنة التعب والإرهاق ومن تيسير الله على عباده أن أباح لهم الفطر في السفر وحديث الباب يدل على ذلك

2. علق الحافظ ابن حجر على هذا الحديث تعليقاً وجه فيه حكم الصيام في السفر :  يرون – أي الصحابة - أن من وجد قوة فصام فإن ذلك حسن , ومن وجد ضعفا فأفطر إن ذلك حسن , وهذا التفصيل هو المعتمد , وهو نص رافع للنزاع .

3.الحديث يدل على طلب اجتماع الكلمة : عدم الإنكار على المخالف ما دام الخلاف سائغاً ، لكن هذا لا يمنع من أن تبين له الحق الذي تعتقده . إذ مازال السلف يرد بعضهم على  بعض في مسائل الفقه والفروع من المعتقد، وهذا من النصيحة للمسلمين

ومن حسن عشرته -صلى الله عليه وسلم- لأهله، تعاهده لهن، وزيارتهن، والسؤال عن أحوالهن

-  روى البخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (( أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة وله يومئذ تسع نسوة)).

-  وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت : (( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا انصرف من العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهن، فدخل على حفصة فاحتبس أكثر ما كان يحتبس )) .

    ومن ذلك أنه كان يتلمس أجمل طرق العشرة الزوجية وأسهلها:

-  قالت عائشة : (( كنت أشرب وأنا حائض فأناوله - النبي صلى الله عليه وسلم- فيضع فاه على فيَّ ، وأتعرَّق العَرْق فيتناوله ويضع فاه في موضع فيّ))(1).

-  وعنها -رضي الله عنها- قالت : (( أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قبَّل امرأة من نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ )) (2) .

-  وعن عمرو بن العاص أنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (( أي الناس أحبُ إليك ؟ قال : عائشة )) (3) .

-  وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (( كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد )) (4) .

-  وروى البخاري أنه - صلى الله عليه وسلم- "لما رجع من غزوة خيبر وتزوج صفية بنت حيي - رضي الله عنها- كان يدير كساءً حول البعير الذي تركبه يسترها به ، ثم يجلس عند بعيره فيضع ركبته، فتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب" .

  كان هذا المشهد مؤثراً يدل على تواضعه - عليه الصلاة والسلام- وهو القائد المنتصر، والنبي المرسل ، يعلم أمته أنه لا ينقص من قدره ومن مكانته أن يسابق زوجته، أو يقبلها، أو يغتسل معها، أو يُوطيء أكنافه لأهله، وأن يتواضع لزوجته، وأن يُعِينها ويسعدها .

 يتبع في العدد القادم


« الصفحة السابقة  |  مشاهدة نتائج 16-30من 170  |  الصفحة التالية »